الأربعاء، سبتمبر 29، 2010

رعشة طفلة

( 5 )

إيمـــــــــــان صبية

سمية طفلة بين السابعة والثامنة من عمرها ...رأت الأهل قد ازداد احتفاؤهم بالقرآن وتلاوته في رمضان ، فرغبت متحمسة لخوض معترك التنافس الشريف ، خاصة أن الوالد قد رصد جائزة سخية لمن يقرأ من الأبناء أكبر قدر من القرآن خلال هذا الشهر الفضيل ..

وبعد أيام قلائل .. أقبلت سمية وقد ظهر على محياها علامات الرعب الرهبة ... واعترت جسدها النحيل قشعريرة تهزه هزا....

قالت بنبرة لم تطرق مسمع الأم من قبل : ... أمي ...!! أقسم بالله أن اليهود ( كفار ) وأنهم لا يخافون الله ... !!!

أجابتها الأم مظهرة الاهتمام : وكيف عرفت ذلك ؟

قالت سمية : انظري أمي ...!!! إنهم قليلو الأدب !!! يقولون - " أستغفر الله ... أستغفر الله ... أستغفر الله ... " - أن الله : " أستغفر الله ... أستغفر الله ..."

وراحت تستغفر بصدق وحرقة وإلحاح وحياء ...تحاول جاهدة أن تبين ما تريد لكن الكلمات كانت تتأبى على لسانها العفيف ...!!! أخذها تردد وتلعثم طويل ... واستجمعت طاقتها !!! ولم تستطع استخراج الكلمات إلا بعد جهد جهيد .... وقالت بصوت خفيض تسر بها إسرارا كأنما تخشى أن يسمعها سامع .... : .. أنظري أمي ... !!! إنهم يقولون " أستغفر الله ... أستغفر الله ... أستغفر الله ..." إن الله فقير وهم أغنياء ؟؟؟!!!

...

... احتضنت الأم صغيرتها ، وقبلتها على رأسها ، وهدأت من روعها ... أن هذا إنما لجهلهم وخفة عقولهم ، وإلا فإن الله - سبحانه – هو الغني حقا وحقيقة وسيحاسبهم الله على هذا حسابا يناسب قولهم الشنيع ... فاطمئني حبيبتي !!!!

...

لا شك أن الأم كانت قد تلت هذه الآية مرات ومرات ... لكن لم تجد في كتب التفسير ... درسا كالذي تلقته من هذه الصغيرة خشوعا وفقها ... درسا لم تنطق به الألسن ... درسا لم يبلغ من قبل أثره في نفس الأم مثلما بلغ الساعة حين انطلق عفويا صادقا من شفاه عذبة صادقة الإيمان ... بريئة ...!!!

الحق أقوى من البنادق

- 4 -

الغـــــلام واللصوص

صبي لم يتجاوز ... الرابعة من عمره ... أخذه أبوه إلى الجمعية لشراء الحاجيات ... - إن توفرت -

قلب الصغير ناظريه حسيرين في أرفف الجمعية ... عهده بجمعيته زاخرة بكل ما لذ وطاب وكل ما يحب ويشتهي لكنها اليوم شبه خالية ... راح ينظر هنا وهنا ... يبحث عن الحلوى والبسكويت والكاكاو واللعب وغيرها مما أقفرت منه الأرفف ... وقد كانت تعج به سابقا قبل حلول الغزو... !!!

يتذكر بحرقة أنه كان يراها وهي بعينيه أجمل ما كان يملأ الأرفف ... !!!

أخذ الأب ما وجد من حاجاته ... وهم بالخروج مصطحبا الصبي الحزين ... وفي مدخل الجمعية قد تجمعت عصابة من جنود البعث المحتل ...

تفرس الصغير في وجوههم البغيضة ... وصرخ بحرقة الأطفال وجرأتهم العفوية الصادقة البريئة :

أنا لا أحبكم ... !!!

أنتم لصوص ... !!

زمجر البعثي مستغربا الصدق والجرأة :

نحن لصوص !! لم تقول هذا الكلام يا ولد ؟؟

زاد حنق الصغير .. فصرخ :

نعم ...! كل واحد فيكم حرامي !!!..

رد العسكري :

حرامي !!!!

الصغير بإصرار :

نعم ... أخذتم كل الحلوى والكاكاو من جمعيتنا ... !!

رد الجندي المحتل :

نحن أخذنا ؟؟ نحن هنا نحرس لا نـأخذ !!

احتد أحدهم صارخا ليرهب الصغير :

أين أبوك ؟؟ أرني أباك الذي لم يقطع لسانك !!!

... لكن يبدو أن أمر القبض على الناس كان مسألة مزاجية لا تنضبط بضوابط ... ومن حسن حظ ذاك الأب أن لم يكن العسكر جادين في معرفته أو القبض عليه ... أو لعل جرأة الصبي أدهشتهم ...

زبدة القول أن الله سلم ... وعاد الوالد بولده إلى البيت ... وحرم أن يخرج بهذا الصبي ( طويل اللسان ) مرة ثانية ... فالخروج به مغامرة قد لا تحمد عقباها ... ( وما كــــل مرة تسلم الجرة ... !!! ) رفع الأب سبابته في وجه الصغير وهزها : ( مكانك داخل أسوار البيت ... لن تخرج معي أبدا ... !!! حتى يقضي الله في هذا الأمر ما يشاء ... )

**** ***** ****

الثلاثاء، سبتمبر 28، 2010

لوازم المولود

جهاز المولود :


اللوازم

العدد

مهاد

6- 8

فوط حمام

7

فوط صغيرة

6- 8

طربال

6

فنيلة داخلية

6- 8

ملابس نوم ملونة

3-4

ملابس نوم بيضاء

3-4

فستان طويل

3-4

مقاط

2-3

قبعة قطن (يفضل بيضاء)

2

فقازات وجوارب

2-3

صدربة (مريلة)

6- 8

لفة (لحاف خفيف)

2-3

مهد (Sleeping bag)

2

سرير صغير

1

شراشف

4

حفاظات

دهان للتسلخات

قطن قطع صغيرة

كلونيا أطفال

رضاعات

رضاعات صغيرة للماء والدواء

جهاز تعقيم الرضاعات

سماعة لمراقبة الطفل

حقيبة لأغراض الطفل

شامبو أطفال+ صابونة و صبانة

مفراكة (فوطة لتحميم الطفل)

اسفنجة الاستحمام لحماية الطفل

حوض لتحميم الطفل

سلة غسيل ( خاصة )لملابس الطفل

مناديل ورق مبللة غير معطرة

مشط فرشاة مقص صغيرقصافة أظافر

لوازم للمولود أثناء فترة المستشفى :


اللوازم

العدد

مهاد

3

فوط حمام

2

فوط صغيرة

3

طربال

1

فنيلة داخلية

3

ملابس نوم بيضاء و ملونة

3

فستان طويل

2

قبعة قطن ( يفضل بيضاء)

1

صدربة (مريلة)

2

لفة (لحاف خفيف)

1

شراشف

1

حقيبة لأغراض الطفل

عطر أطفال

مفراكة (فوطة لتحميم الطفل)

شامبو أطفال

مناديل ورق مبللة غير معطرة

مشط وفرشاة

ملاحظـــــــة :

بعض الأحباب لفتوا نظري أني لم أدرج بودرة الأطفال وقطن الأذن في قائمة التجهيزات ...

لم أنس بودرة الأطفال ولا قطن الأذن فقد تركته عامدة ... لأن كثير من المختصين بالعناية بالطفل و بصحة الطفل يوصون بتجنبه ...


**** ***** ****


لوازم للأم أثناء فترة المستشفى:

ملابس للنوم مريحة ( لا تعيق عملية الرضاعة )

ملابس للاستقبال .

ملابس داخلية مريحة وعملية للرضاعة

الشاش الواقي من تسرب الحليب من الصدر .

ملابس قطنية خفيفة للحماية من البرودة .

نعال للحمام .

نعال للغرفة .

فوط للاستحمام وفوط يد .

الحاجات الشخصية مثل :

عطر خفيف

مشط

مشابك للشعر

كريم للبشرة

فرشة ومعجون للأسنان

شامبو

صابون يد

مناديل مبللة.

حفاظات ( يفضل الكبيرة ذات الأجنحة ) .

حجاب .

كاميرا ( مشحونة ) وأفلام .

الهاتف النقال والشاحن .

**** ***** ****

لوازم إضافية :

سجادة للصلاة . ( للمرافق )

مناديل ورقية .

فوط يد .

**** ***** ****

لوازم إضافية للأم الوالدة ( تحتاجها إذا عادت إلى البيت ) :

جوارب .

مريلة لحجب الصدر خلال الرضاعة .

الأدوية الشعبية للنفساء وللمولود مثل : ( الحلبة ، الرشاد ، اللهوم ، حبة حلوة ، ينسون ... وغير ذلك )

شراشف عملية وشراشف استقبال .

سلة غسيل خاصة للملابس المتسخة .

**** ***** ****

دعاء لتسهيل الولادة :

وأرجو بل وأوصي أن لاتقرأه الحامل إلا إذا دهمها المخاض

- مع صادق دعواتي لها بالسلامة -

قراءة سورة الفاتحة
آية الكرسي :
( الله لا إله إلا هو، الحي القيوم ، لا تأخذه سنة ولا نوم ، له ما في السماوات وما في الأرض ، من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ، ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ، وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم )

الأعراف 54 / 56 :
( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين * أدعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين * ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمة الله قريب من المحسنين )

قراءة المعوذتين ..

الأحقاف35 :
( كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ ، فهل
يهلك إلا القوم الفاسقون )

النازعات 46 :
( كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أوضحاها )
أواخر سورة يوسف – عليه السلام - :
( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ) 111

الانشقاق 1-4 :
( إذا السماء انشقت وأذنت لربها وحقت ، وإذا الأرض مدت وألقت ما فيها وتخلت )

دعاء تفريج الهم :
( لا إله إلا الله الحليم الكريم ، سبحان الله ( تعالى) رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين )

( اللهم يا خالق النفس من النفس ، ويا مخلص النفس من النفس ، ويا مخرج النفس من النفس ... خلصني ) .

كثرة الاستغفار

وكثرة الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -

ولزوم الدعاء للنفس وللمسلمين .

**** ***** ****



الاثنين، سبتمبر 27، 2010

دعاء في بر الوالدين


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أمرنا بشكر الوالدين ، والإحسان إليهما ، وحثنا على اغتنام برهما ، واصطناع المعروف لديهما ، وندبنا إلى خفض الجناح من الرحمة لهما إعظاما وإكبارا ، ووصانا بالترحم عليهما كما ربيانا صغارا ... :
اللهـــــــم : فارحم والدينا ( نكررها ثلاثا ) ، واغفر لهم وارض عنهم رضى تحل به عليهم جوامع رضوانك ، وتحلهم به دار كرامتك وأمانك ، ومواطن عفوك وغفرانك ، وأدر به عليهم لطائف برك وإحسانك
اللهـــــــم : اغفر لهم مغفرة جامعة ، تمحو بها سالف أوزارهم ، وسيئ إصرهم ، وارحمهم رحمة تنير لهم بها المضجع في قبورهم ، وتؤمنهم بها يوم الفزع عند نشورهم ...
اللهـــــــم : تحنن على ضعفهم كما كانوا على ضعفنا متحننين ، وارحم انقطاعهم إليك كما كانوا لنا في حال انقطاعنا إليهم راحمين ، وتعطف عليهم كما كانوا لنا في حال صغرنا متعطفين ..
اللهـــــــم : احفظ لهم ذلك الود الذي أشربته قلوبهم ، والحنانة التي ملأت بها صدورهم ، واللطف الذي شغلت به جوارحهم ، واشكر لهم ذلك الجهاد الذي كانوا فينا مجاهدين ، و لا تضيع لهم ذلك الاجتهاد الذي كانوا فينا مجتهدين ، وجازهم على ذلك السعي الذي كانوا فينا ساعين ، والرعي الذي كانوا فينا راعين ، أفضل ما جزيت به السعاة المصلحين ، والرعاة الناصحين ..
اللهـــــــم : برهم أضعاف ما كانوا يبروننا ، وانظر إليهم بعين الرحمة كما كانوا ينظروننا ...
اللهـــــــم : هب لهم ما ضيعوا من حق ربوبيتك بما انشغلوا به من حق تربيتنا ، وتجاوز عنهم ما قصروا فيه من حق خدمتك بما آثرونا به من حق خدمتنا ، واعف عنهم ما ارتكبوا من الشبهات من أجل ما اكتسبوا من أجلنا ولا تؤاخذهم بما دعتهم إليه الحمية من الهوى لما غلب على قلوبهم من محبتنا وتحمل عنهم الظلامات التي ارتكبوها فيما اجترحوا لنا وسعوا علينا ، و الطف بهم في مضاجع البلا لطفا يزيد على لطفهم في أيام حياتهم بنا ..
اللهـــــــم : وما هديتنا له من الطاعات ، ويسرته لنا من الحسنات ، ووفقتنا له من القربات فنسألك اللهـم : أن تجعل لهم من صالح أعمالنا حظا ونصيبا ، وما اقترفناه من السيئات واكتسبناه من الخطيات ، وتحملناه من التبعات ، فلا تلحقهم منا بذلك حوبا ، ولا تجعل عليهم من ذنوبنا ذنوبا ...
اللهـــــــم : وكما سررتهم بنا في الحياة فسرهم بنا بعد الوفاة ..
اللهـــــــم : ولا تبلغهم من أخبارنا ما يسوءهم ، ولا تحملهم من أوزارنا ما ينوءهم ، ولا تخزهم بنا في عسكر الأموات لما نحدث من المخزيات ونأتي من المنكرات ، وسر أرواحهم بأعمالنا في ملتقى الأرواح إذا سر أهل الصلاح بأبناء الصلاح ..
اللهـــــــم : ولا توقفهم منا على مواقف افتضاح ، بما نجترح من سوء الاجتراح ..
اللهـــــــم : وما تلونا من تلاوة فزكيتها ، وما صلينا من صلاة فتقبلتها ، وما تصدقنا من صدقة فنميتها ، وما عملنا من أعمال صالحة فرضيتها ، فنسألك اللهم أن تجعل حظهم منها أكبر من حظوظنا ، وقسمهم منها أجزل من أقسامنا ، وسهمهم من ثوابها أوفر من سهامنا .. فإنك وصيتنا ببرهم ، وندبتنا إلى شكرهم ، وأنت أولى بالبر من البارين ، وأحق بالوصل من المأمورين ...
اللهـــــــم : اجعلنا لهم قرة أعين يوم يقوم الأشهاد ، وأسمعهم منا أطيب النداء يوم التناد ، واجعلهم بنا من أغبط الآباء بالأولاد ، حتى تجمعنا وإياهم والمسلمين جميعا في دار كرامتك ، ومستقر رحمتك ، ومحل أوليائك مع الذين أنعمت عليهم من النبيين و الصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك ، ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما ..
 سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين  وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي ، وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا

انتهى دعاء بر الوالدين ، نفع الله به مؤلفه وناشره ومن أمن عليه والمسلمين أجمعين والحمد لله رب العالمين ..
منقول

ستر الجار

( 4 )

( الســــــتر ) أمانة !!!

قالت محدثتي :

كانت – رحمها الله - كتومة للمنكر ، تنهى عنه بأساليب تغطيه ولا تكشفه .. وتمحوه ولا تظهر أثره ..

موقف غامض !! لست أعرف كنهه ولا تفاصيله إلى يومي هذا !!! لكني استقيت منه دروسا في الكتمان ، والترفع عن الخوض ، وحفظ الأمانة ، وتحمل المسئولية على الوجه الأكمل ...

حسب مجريات أحداث ذلك الموقف .. فهمت أن أهل أحد البيوتات القريبة من بيتنا قد عزموا على السفر للاصطياف – وكان الاصطياف في ذاك الزمان يستغرق حوالي ربع السنة - وقد حمـّـلوا والدتي أمانة حفظ بيتهم أثناء غيابهم ... وخلال فترة غيابهم لاحظت والدتي – رحمها الله – من ابنهم الكبير ما يثير ريبتها ... – كل هذا وأنا لا علم لي بشيء – ولأنها أمية لا تقرأ ولا تكتب ، ولا ترغب باتساع دائرة افتضاح الأمر أو تسربه ، نادتني ... وكنت في الصف الأول أو الثاني الابتدائي ، - مع العلم أنه كان لي إخوة شباب أكبر مني – لكنها اختارتني أنا ، وأعطتني ورقة وقلما ، وأملت علـــيّ ... :

بعد السلام :

( ... يا فلان .. اعلم أن البيوت عورات ، واعلم أنك في بيت حمولة وابن حمولة* .. وأن والستر أمانة ، أما وإني قد انكشف لي من سلوكك ما يريبني ، ولست متجسسة ولا متكلفة ، لكني حمــّلت أمانة الحفظ .. فاتق الله يا رجل ! وأقلع عما كان منك ... وأعدك أنك إن فعلت : فالأمر يُنْسى ، وإن عدت ... فليس للشدائد إلا رجالها .. هذا ما لزم ، والسلام عليكم ورحمة الله ) ...

ثم أخذت الورقة مني ، ولم تأمرني بالكتمان – فقد أمرتني بفعلها لا بقولها – ولم تصارحني بأن أمرا جللا قد حدث ، لكني فهمت ووعيت الدرس ، ولم أتحدث عن هذا الآمر إلا الآن ، لعلمي أن جميع أبطال هذه الواقعة قد انتشروا وتفرقوا ، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ..

... كتبت رسالتها تلك ... ولست أدري كيف كان خطي ولا إملائي ، لكني كنت محتارة ومرعوبة لفداحة ما كان ... وإلى يومي هذا .. لست أدري ما حدث .. !! لكني أعلم أن الأمر لم يتطور لما هو أسوأ ، وأن الاعوجاج تقــوّم ... وأن النار أطفئت قبل أن يتسرب دخانها .. وأكاد أوقن أن هذا الأمر ما علمه منها من الخلق ســــواي ، ولولا احتياجها لي لما علم الأمر من الخلق أحد سواها ...

فاللهم كما سترت مسلما في الدنيا ، فأسبغ اللهم عليها وعلى أحبابها وجميع المسلمين سترا جميلا من سترك الجميل الكريم في الدنيا والآخرة ... فإنك – سبحانك - ستير ستار شرعت الستر وتحب الستر ..

**** **** ****

_______

*ابن الحمولة : تعني ابن العائلة الكريمة التي لا ترضى بالدنايا ...

مبيت في حضن الغدر

-3-

فثبت الأقدام إن لاقيـــنا

وتمضي الليلة الأولى ثقيلة ... لم يغمض فيها جفن ... ويصبح الصباح ... وقد طوي الناس بطونهم خاوية ... لا لقلة الطعام ... فالخير وفير – والحمد لله - لكن لعزوف النفس عن المطعم والمشرب ...

ويحين موعد صلاة الجمعة ... وهي الجمعة الأولى التي تظلل الناس في رمضاء المحنة ... وخلالها – خلال صلاة الجمعة – انتظمت الصفوف وبدأ العمل ينتظم لتسير سفينة الحياة في خضم هذا الإعصار سيرا شبه طبيعي إلى أجل لا يعلم مداه إلا علام الغيوب ... !!!

وهكذا بدأت مرافق الحياة تتحرك عبر تنظيم المخابز والمطافئ والمرور والجمعيات ... وهذه أخبارها أشهر من أن تذاع ...

وفي مثل هذا الجو الملبد بروائح الغدر... لا غرابة أن تكثر الأحاديث عن القتل و التنكيل ... وتمور الإشاعات مورا وتنشط وكالة بل وكالات ( يقولون ) ... وتمضي الأيام محيرة وتتباين مواقف الدول ... ثم تترادف الأحاديث عن الحرب ... ويتبارى الناس في القيل والقال عن تفاصيل الحرب بجوها وبرها وبحرها ...

**** ***** ****

وفي قصتي هذه ... لن أتناول من ذلك شيئا ... ولن أتحدث عن الآبـــار التي أحرقت ... ولا الممتلكات يوم نهبت ... ولا عن أشباه ذلك مما يتحدث عنه الناس أول ما يتحدثون حين يثار موضوع الغزو ...

ورغم هذا الخضم المتلاطم من الجراحات النازفة والمشاعر المتباينة ... تظل المظاهـــر الاجتماعية الإيجابية براقة لا يشوبها كدر ... اقتطف منها شواهد على تلك الحقبة الغريبة ... شواهد تجسدت في مواقف أخشى أن تطمرها أغبرة النسيان ...

مواقف ... تجسد قيما ومعانيَ أبلغ من الكلمات ...

مواقف ... لها في النفس أصداء حين تتأملها ...

**** ***** ****

خدمة جليلة

( 4 )

فكرت في شيء جمــــــــــيل

ارتكب يوسف ذو السنوات الأربع ما أغضب أمه ... فقالت له إن عقابه أن ينام الليلة بلا عشاء !!!

تضاغى مسترحما.. أن تسمح له بالعشاء .. وقال لها مستعطفا : أرجوك أمي .. اسمحي لي أن أتناول العشاء فبطني تؤلمني من الجوع

أجابته أمه : يا " يسافي " ... يا ولدي الحبيب .. لا أحب أن تجوع ... ولا أحب لك الألم ... لكني أيضا أريدك أن تستفيد مما وهبك الله من ذكاء فتستفيد بنعمة العقل ...كيـــــــف ؟!! تفكر في عمل الأشياء الطيبة الجميلة .. وتترك الأشياء السيئة !!!

هــــــا !!!

فكر .... ما الشيء الجيد المفيد .... !!!

إن فكرت بعمل جيد مفيد ... أسمح لك بتناول العشاء ...

خرجت الأم من غرفة يوسف .. وتركته جالسا في سريره ... وقلبها يعتصر ألما لمنعه من العشاء ... لكنها في قرارة نفسها تعلم أنها ما أرادت له إلا الخير فالخير في صلاحه وتأديبه ... وما نحل والد ولدا خيرا من أدب حسن .. !!!

وبينما هي جالسة في الغرفة القريبة ... إذ به يأتيها من خلفها .. ويقبل رأسها ويقدم لها بكل براءة وطهارة نفس كأسا من الماء البارد قائلا :

أمي فكرت في عمل شيء جميل... قلت في نفسي : بالتأكيد أمي ظمأى .. فأقدم لها كأسا من الماء قبل أن تطلبه !!!