السبت، ديسمبر 03، 2011

وطن في الغربة

    ملاحظة :
= هذه السطور كتبت في شهر أبريل ( نيسان ) ٢٠١١ =  
الأسبوع الفائت واليوم - أيضا - ذهبنا نصلي الجمعة في المركز الإسلامي ، وهو بعيد بعض الشيء ...
ركبنا( المترو ) لأربع محطات ... ثم مشيا على الأقدام حوالي عشر دقائق ...
ووالله ( يسوى العنوة ) ..المسلمات ؛ مع بساطتهن ، وقلة معرفتهن بالدين ... لكن يشعرنك أن الإسلام هو بيتك الكبير ، هو وطنك الغالي ، هو أنسك الأنيس ، هو حضنك الحاني ... والله إن قلبي ليخفق وإن عيني لتنهمر دميعاتها ... فمع تفشي قلة العلم : لكني أحس في أعماق نفسي معهن بعز الإسلام ، وعظمة هذا الدين .. المصلى صغير ، وهو ليس مسجدا أو مركزا كبيرا ؛ بل مجرد مصلى ملحق بمبنى الجامعة ، وعدد النساء فيه قليل ... ربما نحو ثلاثين مصلية - على أكبر تقدير - لكنه يجمع ، أفريقيا ، وشرق آسيا ، والشرق الأوسط ، وأوربا وغير ذلك من بقاع الأرض الفسيحة ..
  اليوم : أقبلت علي عجوز ، يتهلل وجهها بإشراق مارأيت مثله ، لا أعرفها ، أقبلت بحفاوة و احتضنتني بقوة ، وجعلت تقبلني ، وترحب بي ترحيبا حارا لأنها لاحظت أني ( ضيفة جديدة على المسجد ) ، فلما سألتها إذا هي بريطانية أسلمت منذ أربعة أشهر بعد بحث عن الحقيقة لأربعين سنة ، وتقول بكلمات تتسابق على شفتيها الباسمتين : أن هذا هو سر سعادتها الغامرة !!! ووالله إنها لعلى بساطتها ، وقلة معرفتها بالدين ، لتجدد الإيمان في القلب ...   
 
ثم أقبلت علي فتاة بوجه بشوش ، و رحبت بنا بود واضح ، وحفاوة بالغة وعرفتني بنفسها دون أن أسألها ، فإذا هي بريطانية أيضا من ويلز ..
كل هذا الترحيب لأنهن لاحظن أني قادمة جديدة من بلاد العرب و ملامحي العربية تؤكد ذلك ...
المسلمون هناك يفرحون بنا - نحن العرب - ربما يظنوننا نحن الفاتحين أو أننا الصحابة ... وهذا يطوق أعناقنا بمسؤولية عظيمة ... وهو شرف منيف تشرئب له أبصارنا ، ولا تبلغه أعمالنا ... وهو تاج وقور لهامات شامخة ...

        رب اغفر لنا تقصيرنا ...
وردنا إليك ردا جميلا ...
ياجميل الفعال ... يا الله ...

        ***  ****  *** 
       عظمة هذا الدين تتجلى بعض أسرارها في أنه يسري كالنور ؛ لا توقفه الفكرة السلبية عنه ، ولا واقع المسلمين المخيب ...       فالله أكبر ...       الله أكبر....       ولله الحمد ....

الاثنين، نوفمبر 21، 2011

مع البائعة .. في المتجر ...

    جبلت النفس على تذوق الجمال ...
لكن الإنسان لنسيه سرعان ما ينسيه الإلف ذاك الإحساس الجميل 
كالشمس الرائعة ... 
وإشراقها الخلاب 
وغروبها الآخاذ ...
    لا يكاد يبهر الإنسان ... لتكرر تلك الآية كل يوم صبحا ومساء 
ومع ذلك فقد يقدح في الحس شعور لسبب أو بلا سبب يوقظ فيه ما غفا من أحاسيس فينتبه كأنما بعثت فيه الحياة للتو ... أو كأنما ذاك الجمال بزغ فجأة ... أو كأنه يرى المشهد لأول مرة في عمره !!!

    هذا ما حدث معي اليوم ...ولم يكن بودي أن أسرد الحادثة أوأذيعها في الورى لحاجة في نفسي !!
    لكن مع ذلك سأروي ما كان .. 

... لا يغيب عن خاطري ولا عن خاطر أحد من المسلمين عظمة هذا الدين وروعته ، وجمال مبادئه ، ورقي تربيته لأتباعه ...
   لكن لأننا ولدنا مسلمين ولآباء مسلمين - ولله الحمد كله والثناء الحسن - لا نكاد نرى عظمته وشموخ هامته !!! 
    أصبحنا نمارس الإسلام بعفوية كما نعيش الحياة ...نمارسه - ولله الحمد - بلا تكلف أو تفكير !!!

    أطلت المقدمة فسامحوني : 
    كنت اليوم في متجر أتبضع في ذلك البلد البعيد ...
وقفت مع المصطفين في الطابور ثم دفعت المبلغ باستخدام بطاقة المصرف دون أنتبه أو أدقق ... شكرت البائعة ومضيت في طريقي عائدة إلى البيت ...
    ولم يكن من عادتي أن أراجع ( الفاتورة ) أو أدقق فيها بعد الشراء والدفع ...
   لكن هذه المرة شعور خفي لا أعلم له سببا ألح علي أن أنظر في ( الفاتورة ) ...
   حاولت تجاهل ذلك الشعور خوفا من تأخري عن البيت ومشاغل البيت التي تنتظرني ...
   لكن ذلك المطلب زاد إلحاحا ... - وهذه المشاعر والهواجس لم تستغرق من وقتي إلا لحظات أو دقائق - 
   نظرت في الفاتورة فوجدت اختلافا كبيرا في المبلغ لصالحي !!! 
   كان سعر مشترواتي ( ١٢٠ باوندا ) والبائعة سحبت من حسابي (٤٠ باوندا )فقط !!!
   عدت مسرعة إلى المتجر ورحت أتصفح وجوه البائعات ( لأنني للأسف الشديد بليت بذاكرة ضعيفة كثيرة النسيان سريعة النسيان ) أهذه التي !! بل هذه !!
   ثم الحمد لله أدركتها !!
وكانت مشغولة مع زبائن آخرين !!
استأذنتها لأكلمها !! لكنها اعتذرت لأنها مشغولة !!
ظللت أرقبها و انتظرتها حتى انتهت ثم توجهت لها مسرعة .. قلت لها : عفوا عزيزتي ! ربما هنا خطأ في فاتورتي !!
  لم ترحب بهذه الملاحظة ( الإضافية ).. واستوضحتني متثاقلة ...
   قلت لها : حاسبتيني على اعتبار أن ما علي هو ( ٤٠ باوندا ) وهذا خطأ !!! حسابكم ( ١٢٠ باوندا )..
   صرخت : هل يعقل ؟؟
   قدمت لها ( الفاتورة ) !!! فارتعدت واصفر وجهها !! واحتضنتني بقوة وقالت :كم أنت رائعة سيدتي !!
ما أعظم أمانتك ؟؟؟
أنا عاجزة عن شكرك !!
   قلت لها : شكري أن تأخذي حقكم كاملا !!
   قدمت لها بطاقتي المصرفية ...!!!
   كررت بامتنان شديد : ما أعظم أمانتك !!
   أجبتها بغبطة ما بعدها غبطة ... وبفخر ما فوقه فخر .. وبعز تتقاصر الثريا عن بلوغه : 
عزيزتي أنا لست رائعة !!
ولست عظيمة ... ولست أمينة !!!
   إنه ديني الذي علمني ورباني !!! 
الإسلام يا عزيزتي لا يسمح أبدا للمسلمين أي يأخذوا ما ليس من حقهم ولو قدر منديل ورقي واحد !!!
   فغرت فاها ساكتة !!!
  ودعتها شاكرة لها داعية لها بقضاء يوم سعيد !!!
  احتضنتني ثانية بقوة وتمتمت بكلمة شكر عميق !!
قالت لي مبتسمة ممازحة : لا بد أن أعود لمقاعد الدراسة لأراجع دروس الحساب !!
قلت لها : لا عليك عزيزتي !! 
ما دمنا بشرا !!!
وما دمنا نعمل ... فالخطأ منا وارد !!!
    
    غادرتها وغادرت المتجر .... ووالله الذي لا إله إلا هو لأني أشد منها فرحا وسعادة ...
سعادة بهذا الدين ...
وغبطة بهذه الملة ...
شعور علوي لا أستطيع له وصفا ولا تعبيرا ...
      
   وفي هذا اليوم على وجه الخصوص ... تمر بلدي بظرف عصيب ... فرفعت كفي مبتهلة ابتهال الذين أطبق عليهم الغار :
  اللهم كما هديتني ووفقتني لهذا وربيتي بهذا الدين ... بلا حول مني له ولا قوة ...
    اللهم إن كنت تعلم أني بهذا إنما ابتغيت جهك الكريم ... فاللهم أتوسل إليك :بصنيعي هذا الذي هو منك وإليك أن تصلح أحوال بلدي 
وبلاد المسلمين أجمعين !!!
وأن تصلح أحوال جميع المسلمين ...

     اللهم آمين ...
     آمين ... 
     آمين ...!!!
بكرم منك وفضل ومنة !!!

الثلاثاء، نوفمبر 15، 2011

في سيارة الأجرة ...

في سيارة الأجرة  في بلد مطرها غزير وغيمها كثيف ركبنا سيارة الأجرة ... وكان الجو مطيرا كالمعتاد ... كانت السيدة ( سائقة السيارة ) تتأفف متذمرة وتشكو إلي سوء الجو ... سألتها لأخفف من ضجرها : ألهذه الحد يزعجك المطر ...؟؟!! ظننت أنه بحكم كونك من هذا البلد فقد اعتدت  على أحواله وتكيفت معها !!! قالت : المطر مزعج ... يمنعنا من الاستمتاع برياضة قيادة العجلات الهوائية ، والجري... والتنس في الهواء الطلق ....و.... و....و..... و أشياء أخرى كثيرة !!!  أجبتها ممازحة : إذن تتعطل كل النشاطات إلا نشاط رفع الشمسيات !!!! قالت : هو كما تقولين !!!! غيرت دفة الحديث وسألتها : هل تتابعين الأخبار والأحداث حول العالم ؟؟ قالت : لا أهتم كثيرا بالأخبار إلا إن كان حدث يفرض نفسه ... سألتها : هل رأيت ما يعاني الناس في الصومال ؟؟؟ قالت : آه !!! تقصدين المجاعة !!! أمر مؤلم جدا ... إنني حقيقة أشفق على هؤلاء البشر !!! قلت لمحدثتي : إن انحباس المطر عن بلادهم هو السبب الرئيسي للمجاعة !! صرخت : ألهذه الدرجة !!! أجبتها : نعم ... ودعيني أخبرك عن بلدي ...  في بلدي الشمس دائمة الإشراق !!! تبسمت وقالت : أمر رائع ... أليس كذلك !! أجبتها : نعم الشمس رائعة ... لكن في بلد لا أنهار فيه ... ولا ينابيع ... والأمطار شحيحة جدا ... فربما يطوى العام والعامان ... ولا يفرح الناس بقطرة مطر واحدة !!! تساءلت : إذا كيف تعيشون !!! قلت لها : منذ عهد أبي وجدي كانت بلادنا تستورد الماء ... علقت كأنها لم تصدق ما أقول : تستوردونه لكل حاجاتكم !!!!! أجبتها مؤكدة : نعم ! لكل استعمالاتنا ... إلا الاستعمالات التي يصلح لها ماء البحر !!! ... هذا كان في زمن أبي وجدي ... لكن اليوم بلادنا ( تصنع ) الماء ... فنحن وبكل الفخر أكبر بلد في ( تصنيع ) الماء !!!!  سألتني باستغراب : كيف !!! أجبتها : نحول  ماء البحر المالح إلى عذب صالح للشرب ولغير الشرب !!! قالت : لاشك أنه مشروع جبار !!! قلت لها : نعم إنه مشروع جبار !!! ومكلف ، لكنه ضروري ، ويمس حياة كل من يسكن بلادي ... بل وكل من يمر بها مجرد المرور !!! .... ثم تلفت أقلب نظري في الاخضرار الذي يسعد النظر من حولنا وقلت لمرافقتي : أينما تتلفتين في بلدكم الجميل هذا لا يغيب عن عينيك اللون الأخضر المزدان بألوان الزهر والثمار ... ... أتعلمين أينما نتلفت نحن في بلادي فأعيننا تتجول في اللون الصحراوي الأصفر بدرجاته ... ولفرط حبنا للزرع والزراعة فإننا لأجل أن ننعم بزراعة بقعة صغيرة خضراء نبذل لذلك أموالا كثيرة ... ووقتا طويلا .. وجهدا مضنيا ... لأن حرارة الشمس تحرقه ... الجفاف يلهبه ... والهواء الحارق إن هب عليه لا يلطفه ... بل يجففه وربما بالتراب يردمه !!! قالت : لاشك أن الأمر صعب جدا !!! أجبتها : ومع كل هذا ؛ فقارورة الماء سعرها في بلادي أرخص بكثير من ثمن مثلها هنا في هذا البلد المطير ذي الأنهار والينابيع !!! تساءلت مندهشة : أحقا ما تقولين ؟؟ أجبتها ... نعم ... !! لأهمية الماء لكل جوانب الحياة ، فالماء مدعوم من قبل الحكومة ليتيسر للجميع الحصول على احتياجاتهم منه !! الماء - كما تعلمين - عصب الحياة !!! ردت موافقة الكلامي : نعم ... لا أدري كيف تكون حياة بل ماء ... !!! قلت لها : بل لا حياة بلا ماء ، و في ( كتابنا المقدس ) يقول ربنا - عز وجل - : ( وجعلنا من الماء كل شيء حي )  صاحت مؤيدة : نعم ! أظن أن كل شيء يحتاج للماء ... قلت لها : بل لا غنى له عن الماء !!! ردت بحماس : حقيقة كبيرة ... ومعلومة عظيمة ... تثير التأمل ... أعدك أني سأبحث في هذا الموضوع !!! أجبتها ... وعد جميل ... يدعوك في النهاية أن تشكري الله على نعمة المطر !!!  ضحكت بغبطة وقالت : شكرا لك مرافقتي !!! هذه المرة الأولى التي أرى فيها الغيوم الرمادية الداكنة بلون مشرق بهيج !!!

الأربعاء، مارس 16، 2011

كنت باللفة .... وكان هذا حذائي



( كسرت البيضة ) ...
وطلعت من اللفة ...
وصار هذا حذائي ...
طبعا في ظل العمالقة !!!
                                                                                                                   الصور ملك خاص للمدونة 







الخميس، يناير 27، 2011


                                       ( 6 )
درس في الأمانة !!
قالت محدتثي :
إن نسيت فلن أنسى صورة أمي في ( حوش المطبخ )– فناء المطبخ -
فأذكر أني حين كنت صغيرة جدا ، ربما كنت إذ ذاك في الرابعة أو الخامسة من عمري .. ، كان يؤتى ( بالمونة ) من سوق الخضار ، ولأن المشوار كان بعيدا ذلك الزمان ، فكانت هذه العملية تجرى على فترات متباعدة نسبيا ... وإذا أدخلت ( المونة )  تدخل في بيتنا ، وهي قسمة بيننا بين بيت أقاربنا – الملاصق لبيتنا – كنت وأنا ألهو وألعب قريبا من أمي ، كنت ألحظ ما يشبه لعبي ؛ إذ كانت تقوم بعملية فرز : فتنحي التالف من الثمار والخضار جانبا ، ثم تقسم الصحيح السليم إلى كومتين ، بعد أن ترفع قسما لجدتي ( جدتي لأبي ) ، وترفع قسما للخدم والعاملين ، ... ثم تناديني ؛ تناولني شريطين مختلفي اللون ، وتطلب مني أن أضع على كل كومة شريطا ، فإذا فعلت ، قالت : هذه لنا وهذه لعمتك !!!
أي أنها تجري قرعة ، لأنها هي التي كلفت بالقسمة ...
وهذا إنما يدل على دقتها ، وورعها مع أقرب الناس لها ، عدا البعيدين ، ذلك أن عمتي – رحمها الله – كانت تحب والدتي حبا شديدا ، وتثق بها ثقة عظيمة ، ولا ترى أي داع لهذه الدقة ( فالجيب واجد ) !!!
لكن الوالدة – رحمها الله – تأبى إلا ذلك التحري .

الأربعاء، يناير 26، 2011

بين الأزهرين


بين الأزهرين الأنورين : 
الكتاب العظيم
والبيت العتيق 
في رحاب الحرم المهيب 
حيث مهوى الأفئدة ...

ونفس شبت على الطاعة فشابت عليها 
فصار هذا غذاؤها وهو قوامها 


 ألهمني هذا المشهد أن ألهج بالتضرع : 
اللهـــــــــم استعملني على عمل صالح ... واقبضني عليه ... 
اللهــــم آمين !!!
                 
                                                                                                                      الصور ملك خاص للمدونة 


الثلاثاء، يناير 25، 2011


                                    ( 16 )
من حيـــــــــــــل الطفولة

       كان الأب كثيرا ما يجمع أصحابه في شقته الصغيرة فيما يشـــبه ( الديوانية ) ... وكانت الصغيرة نورة ( ثلاث سنوات) تلــــــعب دور ( المراسل ) بين أمها والأضياف ... تحمل للأضياف الماء .. أو علب المناديل الورقية ... أو غير ذلك من خدمات تجد فيها متعتها ..
...
       لكن بحكم طفولتها ... وصغر سنها ... كانت تسبب للوالد ولأضيافه مضايقات ... كأن تتحرك فتسكب الماء أو الشاي ... أو تحاول أن تلفت الأنظار لها كلما انشغلوا عنها تبعا لنظرية ( نحن هنا ) .. بكثرة الإزعاج أو الحركات أو الكلام ...
       ... وفي أحد الأيام ... بلغ منها الإزعاج مبلغا أغضب الوالد بعض الشيء فحملها لأمها طالبا من الأم أن تمسكها وتمنعها عنه وعن الأضياف  ...
       ... فعلت الأم ذلك وراحت تشغل الصغيرة بأمور أخرى ...
       ضاقت الصغيرة نورة ذرعا بـــــ( منع التجول ) الذي ضرب عليها .. وحاولت بكل حيلة أن ( تخترق ) المنع ... فتفتق ذهنها الصغير عن حيلة طفولية ذكية ... استنجدت لها بسلاح الطفولة         ( الفتاك ) ... استخدمت الدموع ( الحرى ) ... دموع البنيات ... وأظهرت الضعف والمسكنة ..
       وكان منظر الدموع ( مأساويا ) ... لكن كلماتها المصاحبة للدميعات قلبت المأساة إلى نكتة طويلة ... وضحكة عريضة ... إذ أنها بذكائها حولت الحسرة من حسرة على نفسها بسبب ( منع التجوال ) إلى بكاء لحال أضياف  أبيها ... وراحت تندب حظهم وتولول بحسرة .. وكلماتها تسابق دميعاتها الحارة :
( مسكينين الرياليل ...
مسكينيين الرياليل ...
ما عندهم بيت ...!!! )[1]

****    ****    ****


- مسكينيين : تعني مساكين [1]
- الرياليل : تعني الرجال ..










السبت، يناير 08، 2011

يد صغيرة بيضاء ( مخروقة ) !!!

( 32 )

حــــــــيرة الكريـــــــــم !!

الجدة منيرة أعطت حفيدها عبد الرحمن – الذي لم يكمل عامه الثالث بعد – ورقة نقدية ليتبضع بها في السوق المركزي مع مرافقيه .. لقيته خادمتهم قبل خروجه من البيت و قالت له مداعبة : ( ما عندي نقود !!) .. ونظر إليها فإذا الخادمة الثانية تداعبه قائلة : ( وأنا ما عندي نقود ) !!!

... نظر الصغير إلى نقده الورقي الذي في يده .. ونظر إلى الخادمتين ، وقلب ناظريه في الجهتين برهة قصيرة ، ثم قرر وفعل ( فعلة الكرم والشهامة !!! ) : ... شطر النقد الورقي شطرين وأعطى كل واحدة منها شطرا !!!

**** **** ****

حكايات عن الجدات

حكايات عِذاب عن الجدات !!

قالت محدثتي :

إن نسيت فلن أنسى يوم جلسنا نتذاكر محاسن موتانا .. لنأخذ من حياتهم عبرا وفخرا .. ولنعطر حياتنا وفاءا بأهل الفضل من أهلينا ، فكان لجداتنا نصيب وافر .وهن أهل لذاك !!!..

فتداعى على ألسنتنا بعض ما احتفظت به ذاكراتنا من ملامح ومحطات في سير جداتنا – رحمهن الله – فتسابقنا في نشر المحاسن

***** ***** *****

( 13 )

حـــــياء

في الحياة إلى الممات !!

قالت محدثتي الأولى :

هذه جدتي ... ولست في هذا أزكيها ، ولا أطريها ، ولا أدعي أنها كانت ملَكا ، ولا أنها من الصفوة ، ولا هي من خير الناس ... لكني رافقتها دهرا ؛ ورأيت ، وشهدت بما علمت .. ومن الأمانة أن أظهر ما تكشف لي من جوانب في حياة إنسان تستحق النشر في المحيط البشري حولي ... وإنني حقيقة أرى أنها - رحمها الله – ليست بدعا في خصالها التي أطرحها في هذه الخواطر ، لكنها تمثل غالب ذلك الجيل الذي عاشت فيه ، فكأنها - رحمها الله - كانت نموذجا لجيل مضى إلى ربه ، وهي مع هذا ؛ لا تسلم من الخطأ الذي لا يسلم منه بشر ، الذي نسأل الله - العفو الكريم - أن يتجاوز عنها وعن المسلمين أجمعين .. اللــــهم آمين

...

استرسلت محدثتي :

لا أظن أحدا من الأحفاد تمتع بحضن جدتي - رحمها الله - كما حظيت أنا ، فلقد (أوقفتي ) والدتي- رحمها الله – لمؤانسة أمها ، وكنت أمكث عندها في بيتها العتيق الأشهر ذوات العدد ، ذاك البيت الصغير بحجم جسدها النحيل ، البسيط ببساطة روحها العفــوية ، الجميل بجمال حنانها الفطـــري .. ولقد تكشف لي من خبايا نفسها القدر العظيم ..

كانت - رحمها الله – على قدر وافر من الحياء ؛ حتى إنها لتستحيي من أصغر أبنائها الذي تسكن معه في البيت ، الذي هو خالي - رحمه الله - فتتعامل معه كما تتعامل مع الزائر الغريب : بحفاوة ومجاملة ، مع ما يكنه لها خالي - رحمهما الله – من الود والبر والتبسط ..

ومن مظاهر حيائها الجم : أني مع طول مكثي معها ، ومصاحبتي لها ، لم أكن لأكاد أسمع منها إلا همسا ... فصوتها خفيض جدا ، وضحكها هامس ..

كنت أشعر بحنوها الفطري ، وإن لم تكن تصرح به أو تعلنه ، بل يتبدى لي من تصرفها الرقيق وهمسها الحيي ..

**** **** ****

من أهازيجنا العذبة

الصور ملك خاص للمدونة

يا حليل بيت ( أبيي ) يا حليل بيت ( أبيي )
كله سعة بسعة
ومصككة بيبانه ومصككة بيبانه
ياربي ترجعه !!!

من أهزيجنا العذبة ومعناها :
ما أجمل بيت ( أبيي ) - بالتصغير توددا وتحببا -
كله رحابة وسعة
مغلّـــقة أبوابه - لطول غيابه -
فيا ربي رده سالما لتتفتح أبواب بيتنا -


السعادة بين يديك


الصور ملك خاص للمدونة



تضمه الأنامل



تحتضنه القلوب
تجلو به الأبصار
وتستنير بنوره البصائر



بالتأكيد : حجابي نور حياتي




الصور ملك خاص للمدونة

وينشأ ناشيء الفتيان فينا
 على ما كان عوده أبوه

وما دان الفتى بحجيِ ولكن
يعوده التدين أقربوه

****    ****    ****

الجمعة، يناير 07، 2011

الأربعاء، يناير 05، 2011

من يصحح الخطأ ؟؟؟

( 11 )

درس في المســــــئولية

تعودت الأسرة أن من يعمل عملا يتحمل نتيجة عمله إن خيرا يشجع وإن خللا يلزم بإصلاح ما أخل ...!! وإن ساعده أحد في الإصلاح فلا مانع لأن التعاون مطلوب ...!! بل مرغوب محبوب ...

صهيب تلميذ في الصف الأول الابتدائي ... وفي أيام دراسته الأولى ... ومع محاولاته الأولى كانت الأم تقف منه موقف المساند المساعد المؤازر المشجع ... فكتب كلمة كابد صعوبة في كتابتها ... لكنها ليست هي المطلوبة بل كتبها بدل كلمة أخرى وكانت كلتا الكلمتين من الصعوبة بمكان ... وكمساعدة له ... مسحت الأم الكلمة الخاطئة ثم طلبت منه إعادة كتابة الكلمة الصحيحة وإعادة المحاولة ... وإذ به يصرخ محتجا ومقسما بأغلظ الأيمان ...

قال : ماذا ؟!!! ... والله لن أكتب شيئا !!! هذا ظلم ..!!!

هذا ليس عدلا ...!!

استغربت الأم هياجه وصياحه وثورته واحتجاجه ... ولم تتبين ما يريد ... ولماذا هذه الثورة الــــــعارمة ...!!

ولما استوضحت منه قال : الذي محا الكلمة هو الذي يكتبها ... أنت التي محوت الكلمة.. فأنت تكتبينها ..!! أليس من ارتكب خللا هو

يتحمل نتيجة خلله ؟؟!!

انطلقت من قلب الأم ضحكة صادقة لهذا التصور البريء للمسئولية ولهذه العفوية المفاجئة ... ضحكة سرت في نفس الصبي فهدأت من غضبه... واسترخت أعصابه واستغرب ضحك أمه الذي لا مناسبة له في هذا الموقف في ظنه ...

قالت له : نعم يا طيب ... المخطئ يصحح خطأه .. وأنت أخطأت في الكتابة ... والمطلوب أن تصحح خطأك ... أما أنا .. فحين محوت الخطأ ففعلي لأجل مساعدتك ... أبدى الفتى الصغير بعض الاقتناع ... وأعاد كتابة الكلمة صحيحة على مضض ...!!!

**** **** ****

المضيافة

( 7 )

أم الجميـــــــــــــــــــــع

... محدثتي هذه – وكنت ألحظ منها روحا اجتماعية طوعية غير متكلفة ..

فسألتها : كيف اكتسبت هذه الروح !

أم أنها سجية جبلية جبلت عليها ؟ ..

قالت محدثتي : إن نسيت فلن أنسى صورة أمي الاجتماعية ... فلربما ألقت تلك الصورة بشيء من ظلالها على شخصيتي ..

أوتيت أمي – رحمها الله – روحا اجتماعية فياضة ، يشهد لها الجميع .. وكانت وصولة للرحم – يرحمها الله – تحب التواصل الاجتماعي .. وأذكر أن بيتنا كان عامرا ؛ لا يكاد يخلو ساعة من الضيوف الأباعد والأقارب ، والجارات اللاتي كانت تتفقد أحوالهن – خاصة المتغربات البعيدات عن أهليهن من الدول العربية الأخرى ، وربما من دول غير عربية – حتى أن القرابة التي من جهة زوج عمتي ؛ كانت تستضيفهن في بيتنا ، لا بيت عمتي .. وترحب بهن على موائدها العامرة : فطورا وغداءا وعشاءا ، بروح حميمية صادقة ، ولها من انشراح الصدر ما تحتضن الصغار قبل الكبار ، لا تمل ولا تضجر وإن لم يكونوا قرابتها أو أرحامها أو لهم عليها حق خاص !!...

وكانت تقوم بخدمة الجميع بأريحية وود ، ومما يكشف جانبا من ذلك : أنه لم يكن يباشر الضيافة بتقديم الشاي للحاضرين الأقارب أو الأباعد إلا هي بنفسها ، حتى أن جليساتها - رحمهن الله - كن يمازحنها وتقول إحداهن لها : يا أم ... ! إن سافرت فاتركي لنا يديك لتسقينا الشاي ..

بل كانت من تقول لها : أن توفيت قبلنا ، فسندفنك ونبقي يديك لتقدم لنا الشاي .. وقدر الله وتوفيت قلبهن .. وكنت في مناسبات كثيرة أسمع الدعاء : عساها أكفا وأيادي محرمة على النار ...

فأردد في نفسي : اللهم آمين ...

**** **** ****