الخميس، أكتوبر 11، 2012

من الحماسة ... ( ما قتل ) !!!


      مع بداية العطلة الصيفية ... ابتاعت الأسرة حوض سباحة ووضعته في فناء المنزل لينعم الأطفال بالطرطشة بالماء فهي متعة لهم !!! 
     تسارع محمد وصهيب ويوسف لملء الحوض بالماء يسابقون الوقت ... 
    أترابهم أبناء الجيران رأوا من خلال الشرفة الحوض يترقق فيه الماء فلم يقووا على مغالبة إغرائه وجاءوا يتراكضون يحملون ملابس السباحة في يد والفوط في اليد الأخرى ليشاركوهم ... 
    لا بأس فالحوض واسع ... والصدر - بحمد الله - رحب ... وإدخال السرور على الجار قربة !!
     نزل الأطفال الستة في الحوض يلعبون ويطرطشون ويتراشقون بالماء ... تحت سمع الأم وبصرها ومراقبتها ... 
     ومع بذل المجهود والنشاط شعروا بالجوع ... فاستأذنتهم الأم وغادرتهم لإعداد بعض الشطائر والعصائر !!
     وما راعها وهي في المطبخ تعد لهم الوجبة الخفيفة إلا أصوات صياح ولغط وهياج ...
     تركت ما بيدها وأسرعت نحوهم ... وإذا يلعبون لعبة ( جهنمية ) !!!
رأت منظرا ارتعدت له فرائصها !!!
رأت بعضهم يغَطِّس رأس بعض في الماء ... 
زجرتهم ورفعت رأس الصبية الغاطسين  !!!
وسألتهم : لماذا تدفع برأس أخيك أو صديقك في الحوض ألا تعلم خطورة ما تعمل !!!
فبرروا ببراءة متناهية ... وحماس طفولي ( قتّال ) : أنهم انقسموا إلى فريقين يتنافسان في الغطس ... وأي الفريقين يمكث أعضاؤه تحت الماء مدة أطول ... يكون هو الفائز .... ليس في الأمر إشكال ... لكن الإشكال أن الطفل الغاطس يمسك رأسه طفل آخر من فريقه يضغطه بكل قوة نحو الأسفل ليمنعه بالقوة من أن يرفع رأسه لئلا يخسر الفريق !!!  

ومن ( الحماسة  ) ما قتل !!!  

الجمعة، سبتمبر 07، 2012

      كان صهيب ذو السنوات الثمان يلعب في غرفته مع شقيقه يوسف ذي السنوات الخمس مع أترابهما : حمّودي و فهّودي وفصّولي ... وكانت الأم في الغرفة المقابلة لغرفتهم تسمع ضحكاتهم ومشاغباتهم ... 
      بعد فترة ... ساورها شيء خفي ... و أصوات شبه رجة واضحة ... وضحكات يوسف الغريبة وتعليقاته وهو يقفز على السرير و يصيح فيهم : ... انظروا إلى صهيب كيف يرقص !!! 
   استغربت ذلك ... فهي لم تعهد من مواهب صهيب موهبة رقص !!! لكن حبسها حابس غريب أن تذهب لتستطلع الخبر ... وظل الهاجس يسري بإلحاح خفي !!! 
    لحظات ... ويأتيها صهيب بوجه شاحب وشفتين بيضاوين ويلقي بجسده النحيل في حضنها تعتريه رعشة دون أن يبكي ... احتضنته ومسحت رأسه تهدئ روعه و تسائله ... : ( خير يا صهيب !!! ما الخبر !!! )
     مد إليها كفيه فإذا هما كأنما أصابهما طلقات رصاص أو شظايا لكن بلا أثر لدم !!!
    أنتابها هلع شديد ... وتفحصت الكفين الصغيرين ولثمتهما بحنان وخوف : صهيب !!! ما الذي أصابك ؟؟ ما هذه الجروح ؟؟
    أجابها : كنت أحاول تشغيل ( البلاي ستيشن ) فأمسكني السلك الكهربائي والتصق بيدي ونفضني ولم يفلتني حتى ألقاني أرضا ... 
    كان الخبر مرعبا جدا لأمه ... وساءلت نفسها مليمة ... كيف لم تستجب لما ساورها من هاجس قلق قبيل لحظات ... لقد كان حبيبها الصغير يترنح من شدة سريان التيار الكهربائي في جسده النحيل ... وأخوه والأتراب يتضاحكون يحسبونه يرقص ...

     ... حمدت الله كثيرا على سلامته ونجاته ... وحمدت الله كثيرا على ما تبدى لها من أوجه اللطف في هذا الحادث السريع !!! وتيقنت أن الله - سبحانه - هو السلام و هو اللطيف وهو خير حافظا ... 

الاثنين، مايو 14، 2012

الفتاة الغريبة

اليوم كان لنا موعد مع اللقاء الديني الشهري الأول لمسجدنا في ذاك البلد البعيد ... و لإضفاء مسحة من البهجة والمرح ... جهزت هديتين بسيطتين أقدم الأولى : لأولى الأخوات حضورا ... شكرا مني لحرصها على التبكير في الحضور ، وتشجيعا وتنويها للحرص على الالتزام بالمواعيد ... وأعددت الثانية : لآخر الحاضرات حضورا لأرفع عنا جميعا الحرج ... أو لأسد بابا من أبواب التثاقل والتكاسل والتخلف عن الحضور ... فمن حضرت أخيرا لا شك أنها غالبت مشاغلها حتى اللحظة الأخيرة ... فلها الشكر والتشجيع ... وبصراحة هذه ليست من أفكاري أو إبداعي ... إنما اقتبستها واكتسبتها من حلقات الدروس عندنا في بلدي الجميل ... حرصت على الحضور باكرا ... لعلي أسبق الجميع فأرصد ترتيب مجيء الحاضرات ... وصلت المسجد قبل موعد لقائنا بحوالي ربع الساعة ... فإذا بفتاة غريبة أجنبية شابة ... مع طفلتها ذات العامين في الغرفة المخصصة للأطفال في المسجد ... ظننتها زوجة أحد الطلبة أو المهاجرين المسلمين ... والأمر عادي لا غرابة فيه ... حييتها وسلمت عليها ... وداعبت صغيرتها ... ولكني لم أعرفها ولم أذكر أني رأيتها من قبل ... توافدت الأخوات الأخريات تباعا ... وابتدأت الأخت بإلقاء الدرس على مسامعنا ... وحقيقة هي لم تأت بجديد ... فالدين قديم ... لكن الجميل في هذا الدين أنه متجدد ... والتذكير ببعض نواحيه يجدد الإيمان في النفس (... تعال نؤمن ساعة ) ... ولذا ... فـــ(... الذكرى تنفع المؤمنين ) ... بعد ختام الدرس الذي ذكّرنا بجمال أخلاق الإسلام ... لنستشعر التعبد لله في ممارستها وتمثلها في حياتنا ، وأنها ليست مجرد ذوق إنساني ، أو أدب اجتماعي ، أو حياة مدنية ، أو قانون مسنون يجب اتباعه ،... بل هي عبادة وقربة ودين ... شكرنا أختنا المحاضرة ودعونا لها ... ثم استأذنت الجميع وقدمت الهديتين بجو من المرح البسيط : الهدية الأولى : كانت من نصيب هذه الأخت الغريبة ... والهدية الثانية : كانت من نصيب إحدى الأخوات من سوريا (الجريحة ... عافى الله جراح سوريا وشافاها وفرج كربتها ... ) ... فهي كانت آخر الحاضرات ... ودخلت قبيل نهاية المحاضرة بدقائق ... اقتربت إحدى الأخوات من هذه الفتاة الغريبة ... فهي غريبة عنا جميعا وهي وجه جديد ... ودنت منها أخرى ... وحادثتها برفق لتتعرف عليها ... فإذا هي بريطانية أبا عن جد .. قادمة من لندن منذ أسبوع ترغب بالاستقرار في هذه المدينة : قد دخلت الإسلام ... وتحجبت أمس ( السبت ) !! واليوم ( الأحد ) أول دخول لها للمسجد ... غمرتنا الفرحة والبهجة لهذا الخبر السعيد ... و سألناها : وكيف كان ذاك ؟ .. فقالت : أنها أسلمت بفضل الله أولا و آخرا ... ثم بفضل مجهوداتها الذاتية ... وبحثها عن الحقيقة ... وتحريها للحق .. ... إنــــه لمشهد عظيــــم رغم بساطته ... ... وإنه لموقف مؤثر عميق رغم قصره ... ... وإنها لفرحة ما بعدها فرحة لأخت فازت بهذه المَكرمة الربانية ... مكرمة الهداية ... الحمد لله الذي أنقذها من النار ... ومما زادني غبطة لها أنها أسلمت والتزمت الحجاب في ساعة واحدة ... ولم تنهج نهج بعض الناس من المسلمين في التدرج ( قياسا على تحريم الخمر ) ... بل أخذت الدين والملة جملة واحدة ... عقيدة وعملا ... قلبا وقالبا ... إيمانا وامتثالا ... حتى لكأنها ترجمة مرئية مشاهدة حية لمعنى : ( ما وقر في القلب وصدقه العمل ... ) ... فهنيـــــــئا ... ... مريـــــــئا ... ... هنيـــــــئا ... لها الأجران ... هنيئا لها التصديق بنبيها عيسى - عليه السلام - ثم الإيمان بأخيه محمد - صلى الله عليه وسلم - اللهم يا مقلب القلوب ... ثبت قلوبنا وقلبها وقلوب جميع المسلمين على طاعتك ... اللهم آمين ... آميــــــــــــــن ...

الاثنين، مارس 26، 2012

دموع جدتي !!

 
 
قالت محدثتي :

       ذات أمسية من أمسيات الصيف الجميل ... كنت صغيرة جدا ألعب في ناحية من فناء منزلنا القديم الرحيب حين عاد والدي – رحمه الله – بعد أن أدى صلاة العصر في المسجد القريب ...

       كانت جدتي – رحمها الله - لا زالت في مصلاها في الناحية الأخرى من فناء منزلنا ... تسبح وتهلل وتذكر الله ...

       جلس والدي على الأرض قريبا منها إلى يسارها ... يحادثها ويلاطفها ... ثم - مبالغة منه في إيناسها - أخذ يرتل عليها آيات مباركات من سورة يوسف – عليه السلام – وهي تنصت ...وأنا ماضية في لعبي لا علي ولا لي !!!

       كان الصوت الشجي ... والآيات البليغة ... بعد رقة القلب بأثر الصلاة والذكر والتسبيح ... كل هذا حرك في وجدان جدتي مشاعر جياشة ففاضت مدامعها وأجهشت بالبكاء ...

       كنت مستغرقة في لعبي ... لكني احترت في سبب بكاء جدتي ... ولم أسألها ... ولم أسأل والدي ... وكنت صغيرة جدا لا أعرف تلك المشاعر التي كانت تعايشها في تلك اللحظة ... والبكاء عندي أعرف أسبابه الطفولية البسيطة ... وحسب !!

       ثم وقع في نفسي شيء كأني عرفت سبب بكائها ... فعللته لنفسي مع استمراري في اللعب منفردة ... قلت لنفسي جازمة : نعم ... إنها تبكي علي ... لأن أبي سمعته أنا يقرأ في القرآن أني أنا ( هدى ) .. سيدخلني ربي النار !!!! فهي خائفة لي ومشفقة علي ...

                                                                                                  ****    ****    ****    ****

       إلى اليوم ... لست أدري سر ذلك الهاجس .والسبب الذي جعلني أفسر سبب بكاء جدتي هذا التفسير المرعب .. ولماذا وقع في نفسي هذا الشعور ...

ربما لأنني سمعت أبي وهو يتلو القرآن سمعت كلمة ( هدى ) ... وهذا هو اسمي          ....

       وبكاء جدتي في ذلك الموقف ربما هو أوحى لي بالخوف علي من النار ...

       لماذا أنا تحديدا ؟؟؟

        لست أدري !!!

 
        ****    ****    ****    ****    ****    ****

       وإلى اليوم .... كلما تلوت سورة يوسف - عليه السلام - أو سمعتها تتلى ... تتفجر تلك الصورة البريئة أمامي ... وأترحم على جدتي ووالدي – رحمهما الله –

              ****    ****    ****    **** 

       والغريب أني  – والحمد لله - لا تداخلني أي مشاعر سلبية بتاتا من تلك الصورة ... بل أتذكر لعبي في ( الليوان ) عصر ذلك اليوم وكل يوم ...

 وأتذكر سجادة جدتي ممدودة كل عصر تصلي عليها وتظل جالسة تسبح وتهلل مدة من الزمن ...

وأتذكر والدي وهو جالس بقربها بحب وحنان ...

وأتذكر قراءته وصوته الجميل ...

وأتذكر بكاءها الذي لم أكن أفهم أنه كان خشوعا ... أو خوفا ... أو طمعا ....

 

... رحم الله والدي وجدتي وموتى المسلمين أجمعين ...

اللهم آمين !!!

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

الأربعاء، مارس 21، 2012

الرحلة

عموري في الروضة ... وغدا الخميس ( الجميل ) رحلة ... لكن داهمه ألم عارض في أذنه ... يوم الأربعاء ... فأخذته أمه للطبيب لئلا يشتد الألم أولا ... وثانيا : حتى لا تفوته الرحلة المدرسية غدا ... فأحلى أيام السنة الدراسية يومان : يوم الرحلة ... ويوم الإجازة ...

     في العيادة ... كان الطبيب لطيفا جدا معه ... وراح يمازحه ويلاعبه ...

سأله الطبيب ... : هل الألم شديد يا عموري بحيث لا تقدر أن تنتظر الصباح ؟  

أجاب عمر : بل أستطيع أن أنتظر لكن غدا رحلة ...

سأله الطبيب : إذن أنت تحب الرحلات !!

أجاب عمر بحماس : نعم أحب الرحلات ...

سأله الطبيب : أحب أن أذهب معكم الرحلة ... هل تأخذني معك ؟؟

... أجابه عمر : ( ما يصير !!! )  إنها للأطفال فقط !!!!

ألح عليه الطبيب : استأذن المعلمة ... لعلها تسمح !!!

كرر عمر بإصرار : ( ما يصير )   ... فقط الأطفال يذهبون للرحلة ... المعلمة لا ترضى !!!

سأله الطبيب : بأي شيء تذهبون ... ؟

قال عمر : بالحافلة ...

قال الطبيب : إذا سأركب الحافلة ... وأجلس بقربك ...

شعر عمر أن لا مفر ... وأن الطبيب عازم على الذهاب معه في رحلته المدرسية ... وأنه غير قادر على إقناعه بعدم الذهاب وأن هذا ( ما يصير ) فسلم أمره لله ... وقال للطبيب : إذا ... إذا جئت غدا فلا تنس حقيبة طعامك !!!

������ ���� ���� ������

كسر الرسغ !!!

       كان يوسف يلعب مع أترابه في الفسحة في فناء المدرسة ... فوقع وأصيب إصابة استدعت الإدارة المدرسية على إثرها والديه لأخذة للمستشفى ... 
            هرعت إليه أمه لقربها من المكان وأخذته لأقرب مستشفى كسبا للوقت ريثما يلحق بهما الوالد ...
           دخل يوسف وأمه على الطبيب ... كانت الرسغ متورمة ... مزرقة اللون ... بعد الفحص الأولي قال الطبيب : يبدو أن اليد مكسورة لكني لست متأكدا من لك ... فطلب من الأم أن تأخذ له صورة بالأشعة ليتبين صورة الإصابة بوضوح ... 
           ذهبا إلى غرفة الأشعة ... وتم تصوير اليد ... ثم جلسا في غرفة الانتظار ... ينتظران تسلم الصورة ليعودا للطبيب ... 
          طلبت الأم من يوسف أن يحرك أصابعه ... وكفه ... فكان يحركهما بصعوبة بالغة وألم شديد ... قالت له أمه : يبدو أنه كسر ... لا بأس عليك طهور إن شاء الله ... جبر الله كسرك !!!
         كان يوسف ينظر إلى رسغه تارة .. و تارة ينظر حوله ... ( كسر العظم ) لم يكن مألوفا لديه ... ولله الحمد لم ير في الدائرة القريبة منه المحيطة به .. لم ير أحدا قد أصيب بكسر ... فهو لا يعرف حقيقة ذلك ... لكنه مدرك أنه شيء جديد - بالنسبة له على الأقل - 
        ... فجأة التفت إلى أمه بوجهه الشاحب من شدة الألم ... وسألها بابتسامه تغالب الألم : أمي !!! إذا قال لك الطبيب أن يدي مكسورة ... هل ستزغردين ؟؟؟ !!! 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 مدونة هادفة
يسعدنا تواصلكم
 http://min-kalemati.blogspot.com/

استرخاء العصافير !!!

  صهيب في حوالي الخامسة من عمره ... جبل على حب الاستكشاف .. ومغرم بتقمص فعال الكبار ... وقع في يديه شريط تسجيل ( يوم كان لأشرطة التسجيل صولات وجولات !! ).. وكانت مادة الشريط التدريب على مهارة الاسترخاء ، وكيف يكون الاسترخاء وسيلة للإيحاءات الإيجابية ... وقد لاحظ أن الأهل يثنون على الدكتور الذي يقدم هذه المادة ... وأنهم معجبون به وبمادته ... خاصة أنه يعرف هذا الدكتور ... وابن هذا الدكتور  زميل لصهيب  في المدرسة .. وقد زارهم هذا الدكتور يوم استضافته الإدارة المدرسية ويتذكر أن هذا الدكتور قد أبدع في الحديث معهم وأسعدهم بأسلوبه الذي كان قريبا من مداركهم ... فكان وعظه وتوجيهه مرحا طفوليا بتصورات وأمثلة جذابة ...
      لكل هذه الأسباب ... تحمس صهيب ليستمع لهذا الشريط .. فلما كان موعد النوم استأذن والدته أن يستمع لهذا الشريط وهو مستلق على فراشه ...
        رحبت الوالدة بذلك ... لعل هذا الشريط بمادته التربوية النفسية في هذه الساعة المباركة لعله يشجع هذا الصغير على كسب مهارات جديدة ... ولعله - ولو لهذه الليلة فقط - يتوقف عن كثرة النهوض من الفراش تهربا من النوم لأعذار لا تنتهي !!!!
       انزوى في فراشه ... وأسبغ الغطاء ... وأخفض ضوء  السراج ...  ملبيا كل الشروط - للاستلام والتجاوب مع تمرين الاسترخاء  ...
       فرحت الوالدة أيما فرح بالهدوء الجديد الجميل الذي طرأ على هذا الفتى الصغير المفعم بالنشاط والحيوية  ... وطمعت أن يكون هذا اليوم صفحة جديدة في شخصيته ... 
     ساد المنزل هدوء مريح قلما تنعم العائلة بمثله ... فالصغار أغلبهم غلبهم النعاس ... واستسلموا للأحلام البريئة ... 
       ظنت الوالدة أن العزيز صهيب ... المتعب من اللعب طيلة اليوم ... بهذا الجو المشجع للنوم ... ظنته نام مع النائمين ... 
      استسلمت لعملها على الحاسوب اقتناصا لفرصة من الفرص الغالية ...
      ... فجأة دخل صهيب غرفة المكتب ... وبعصبية واضحة واحتجاج كبير ... قذف الشريط على أقرب مقعد وقال مستفهما مستفسرا :  !!!! 
ما هذا !!
ما يقول هذا الرجل !!! 
كاد يقتلني !!! 
وربما قتل أناسا قبلي ...!!!
     دنت منه أمه ووضعت يدها على كتفيه لتطمئنه ، وسألته : ماذا حصل يا صهيب ؟ ماذا الذي أزعجك ؟؟
رد بحدة : لا بد أن نشتكيه عند الشرطة !!!
أجابته مستغربة  ومبدية الجدية والاهتمام : أوه ... أوه .... أوه  !!! وصل الأمر للشكوى عند الشرطة  !!!
لا بد أن الأمر خطير !!!
ما الخبر يا صهيب ؟؟!!
      تنهد قليلا  ... قال : تصوري يا أمي !! إنه يقول : أمسك نفسَك  ... وعد عدا بطيئا من الواحد إلى العشرة !!  لا .... بل هو الذي يعد عدا بطيئا جدا !!!! 
أنا أمسكت نَفَسي معه وهو يعد !!! 
ما كاد يصل إلى  رقم أربعة حتى كدت أموت اختناقا !!! كيف يريد من الناس أن يصلوا معه إلى رقم عشرة وهو يعد بهذا البطء !!!
 
       تبسمت أمه وقالت : لا شك أنك وجدت مشقة كبيرة في ذلك !! أليس كذلك !!
صرخ : ليس مشقة !! بل كدت أموت !!!
  ردت عليه : ... هذا تمرين وتدريب للذين هم أكبر منك سنا !! 
وقد سمحنا لك بسماعه لثقتنا أنه لا يمثل أي خطر .... لكن أنت و من هم في مثل عمرك فيمكن أن تتنفسوا بعد الرقم ثلاثة أو أربعة ... أو حتى قبل ذلك ...
هو تمرين ليرتاح من يمارسه ، فإذا أحس أحد بالتعب فلا بأس أن يتوقف ويتنفس طبيعيا ( حتى 
لا يختنق ) ... وقد أحسنت يا صهيب حين تنفست لما أحسست بحاجتك للنًفَس !!!  
ثم ساءلته مداعبة : ... لكن بصراحة يا صهيب أليست هذه تجربة جديدة ...وقليل من هم في مثل عمرك من جربوا خوضها !!!  بالتأكيد هي - أيضا - تجربة جديدة لرئتيك !!! 
     تبسم ... و... حاول إخفاء بسمته ليظهر جدية احتجاجه ... ثم قبل يد أمه ونهض !!!

الأربعاء، فبراير 29، 2012

الهدية ( الخارقة ) !!!

كانت متفوقة على زميلاتها رغم صغر سنها ... فالتلميذة حصة أصغر التلميذات في المدرسة كلها ... ومن في مثل سنها من الأطفال لا يزالون في رياض الأطفال ... لكن ملمحا لمحه فيها الوالدان فألحقوها بالابتدائية باكرا .. لم تكمل عامها السادس بعد ...
كانت سعيدة جدا بذلك ... ولقد قبلت التحدي بمعنويات عالية وحماس متقد ونجحت في ذلك ... فكانت رغم صغر سنها وضآلة حجمها كانت في المراكز الأولى متقدمة دائما ...
وفي يوم العلم ... كم كانت فرحتها عارمة حين انتظمت في طابور المتفوقات ... لتنال التكريم وتحظى بالجائزة ... كانت البهجة تتراقص في عينيها البراقتين البريئتين ....
كانت ترقب المنضدة وقد رصت فوقها الهدايا و الجوائز والحوافز بشغف عظيم ...
قلب الطفلة حصة يكاد يطير من مكانه جذلا ... تقلب عينيها بين الهدايا بأغلفتها الزاهية ... وشرائطها البراقة ... لا تدري أي هذه الهدايا لها !!
حان دورها ...
وارتفع بمكبر الصوت من الإذاعية المدرسية ذكرها ، صدح اسمها في أرجاء المدرسة ...
...
هرولت مسرعة تحلق بها فرحة الأطفال ... وتشع من عينيها براءة الدنيا ... تكاد بحجمها الصغير ... وجسدها النحيل ... تكاد تطير لا تسير ...
صافحتها مديرة المدرسة .. واحتضنتها ... وسلمتها شهادة التفوق ... وناولتها ( جائزتها )....
كانت جائزة كبيرة الحجم ... ثقيلة الوزن ... ربما تساوي التلميذة الطفلة حجما ووزنا !!!!
كم كان فرحها بهديتها عظيما ... ومما زادها غبطة ... هذا الحجم الهائل ... تحملها بمشقة وعناء وتكلف كبير ... لكنها لم تكن لتسمح لأحد أن يساعدها في حمل هديها ( الخيالية الخارقة )!!!
كان عقلها الصغير يدور في خيالات وتصورات عما تحويه هذه العلبة الغالية ...
تخيلت كل ألعاب الدنيا !!!
توقعت مفاجآت ( خيالية )!!!
صبرت نفسها وقاومت فضولها ... لن تفتح الهدية إلا في البيت ... بين أحضان الأسرة ليشاركها الجميع فرحتها !!!
مضى اليوم الدراسي ... لم تستوعب خلاله شيئا ... فهي مشغولة الخاطر بحلمها الجميل ... منهكة اليدين بحملها الحبيب ....
رن الجرس إيذانا بنهاية الدوام ... وربما كانت التلميذة حصة -على غير عادتها - أول من غادر المدرسة ... تلقاها والدها وحمل عنها هديتها الثقيلة ... وكانت بحق ثقيلة !!!!
ما إن وطأت قدماها الصغيرتان أرض البيت حتى اجتمع الوالدان والأخوة يهنئون حصة ويباركون لها تفوقها ... وعيون الصغار منهم تتسابق لهذه الهديه الكبيرة ...
توسطت حصة الجميع ... وشاركها إخوتها فك الشرائط البراقة تمزيق المغلف الأنيق .....
لكن ...
ما أن انكشفت العلبة الكبيرة ... وانطرحت أغلفتها حتى انتاب الصغيرة حصة شعور بارد ... وكذا إخوتها الصغار ... بل حتى الوالدان ... طاف بهما شعور محبط .... !!!
كانت هدية التلميذة المتفوقة الطفلة حصة ( أواني منزلية حقيقية : أطباق بأحجام عائلية مختلفة وأوعية للحساء وأكواب للشاي والحليب ... ) ... !!!
!!!!!
ثار في خاطرها تساؤل ... طفح على محياها... ولم تنطق به شفتاها ... : ( أين الجائزة ؟؟؟ )
....
تبخر شعور البهجة ... بل كان حلما أو سرابا !!!!

لكن حكمة الوالدين سارعت بالتحفيف من ذاك الشعور المحبط والانكسار الأليم ...
أظهرا لها روعة الهدية ... وكيف أنها مفيدة للعائلة كلها ... وبما أنك يا حصة كنت سببا لتكريم عائلتك بهذه الجائزة ( العائلية )(( المتميزة ))... فلك من عائلتك جائزة شخصية متميزة ...
موعدنا - إن شاء الله - بعد تناول الغداء والراحة قليلا في رحلة خاصة بك إلى متجر الألعاب الفاخر تختارين هدية بحجم هديتك هذه ... لكنها وفق ذوقك واختيارك !!!!


*******

ليس من عادتي أن أذيل الملاحظات على ما أكتب ... لكن الموضوع يستحق أن أسجل عليه ملاحظة ...
وأظن أنها ملاحظة هامة جدا ...:
فالحكمة الحكيمة : ( أنزلوا الناس منازلهم ) ...
والطفل منزلته منزلة الطفولة والألعاب والقصص .... وأما المطبخ والبيت والشؤون البيتية فلذلك أهله وناسه !!!
وهدية التفوق ليست كهدية ( المنزل الجديد مثلا )...
وما يقدم للكبار ... لا يسعد الصغار ... بل لا يدخل دائرة اهتمامهم أصلا ...
واختيار الهدايا للمناسبات المختلفة ... فن .. وذكاء ... وعلم ... وبصيرة ... وليس مجرد حمل ينوء به الكاهل فيرمى ..!!!
للهدايا والجوائز مقاصد شتى ... فلابد أن تراعى تلك المقاصد لتجنى الثمار !!!

الأربعاء، فبراير 22، 2012

العائدون ... من أين ؟ وإلى أين !!!

كان صباحا غير اعتيادي ...
الحركة فيه عير ماتعودنا ...
الأعلام ترفرف بأيادي الصغار ...
رجال الأمن بملابسهم الوقورة وهيئاتهم الحازمة ينثرون البشر والابتسام بين الناس !!!
الطريق الرئيسي والطرقات المؤدية افتقدت فيها كل أنواع المركبات بدءا من العجلة الهوائية وانتهاء بالحافلة الكبيرة ...

                                                     ******
تجمع الناس واصطفافهم على جانبي الطريق يشي بحدث أو مسيرة لا أدري ماهي !!!
الأنظار تتطلع إلى وجهة واحدة وتترقب !!!

الفضول يحرضني للسؤال بعد التساؤل !!!
سألت من بقربي !!!
قالوا : عرض عسكري واحتفال وطني !!
شيء جميل ...
ما المناسبة ؟
كل يفتي بما يعلم !!!

                                                               ******
وقفت مع الواقفين أترقب .... !!
شعور غريب انتابني و أنا أتابع احتفالا وطنيا وأنا بعيدة عن بيتي ... عن وطني ...

                                                              ******
فترة وجيزة وإذ بالحياة تنبعث من حولي !!!!
جحافل من الجنود ... شباب صغار بملابس الميدان ...
كتائب تتلوها كتائب ...
يتوقف الجحفل لحظات ...
تحييهم صيحات الجماهير ( بفخر واعتزاز ) ...
يردون التحية ( بشمم ) ...
يتقدمهم رجل كبير بزي مختلف ... يحمل وعاء يجمع فيه التبرعات لتكريم هؤلاء الجنود ( الأفذاذ )...
هؤلاء القادمين من ( أفغانستان )
!!!
                                                  
                                                       *******

سارت الجحافل في طريقها ...
ومضي ضميري وأفكاري ومشاعري في طريق ...

                                                       *******
تابعت المشهد ...
وغاضت المشاعر ...
وفاضت الدموع ...
ظلت عيني تسير مع الجند وتتبع خطوهم ...
ظللت أسير وأسير مع جموع السائرين ... ليبلغ المسير منتهاه ....
وصلوا أكبر وأقدم وأعرق كنيسة( كاتيدرائية ) في المنطقة ...
شرعت أبوابها لتحتضن أبناءهم ....
( تمسح دموع العائدين ... وتداوي جراحات المكلومين ... )

                                   
                                                       ********

موقف مؤثر بدلالاته العميقة ...!!
لا أتحدث عن دينهم وعقيدتهم ....
لكني أرى تعاملهم الواقعي مع حاجة النفس الفطرية للتدين ...
الحاجة النفسية المتغلغلة للشعور بالأمان ...
الحاجة لركن تركن إليه النفس البشرية الضعيفة ....
حاجة التعبد هذه ... : لله درهم كيف يحتفون بها !!!!
كيف يجعلونها أضخم فقرة في احتفالهم ...
وأوسع ذراع في استقبالهم
وأرحب صدر لاحتضان العائدين ....


                                                             *********

تمنيت أن يتاح لمساجدنا العريقة العتيقة المعتقة طهرا ونورا أن يؤذن لها فتشرع أبوابها ... وتفرش ساحاتها الرحاب
وتساق إليها كواكب الخريجين من جيش وشرطة ورجال الأمن ليستقوا الأمن ..
وينشروا الأمن ...
ويعملوا بأمن ... لأجل أمن بلادهم وأهليهم ...

                                                            ********