الاثنين، مايو 14، 2012

الفتاة الغريبة

اليوم كان لنا موعد مع اللقاء الديني الشهري الأول لمسجدنا في ذاك البلد البعيد ... و لإضفاء مسحة من البهجة والمرح ... جهزت هديتين بسيطتين أقدم الأولى : لأولى الأخوات حضورا ... شكرا مني لحرصها على التبكير في الحضور ، وتشجيعا وتنويها للحرص على الالتزام بالمواعيد ... وأعددت الثانية : لآخر الحاضرات حضورا لأرفع عنا جميعا الحرج ... أو لأسد بابا من أبواب التثاقل والتكاسل والتخلف عن الحضور ... فمن حضرت أخيرا لا شك أنها غالبت مشاغلها حتى اللحظة الأخيرة ... فلها الشكر والتشجيع ... وبصراحة هذه ليست من أفكاري أو إبداعي ... إنما اقتبستها واكتسبتها من حلقات الدروس عندنا في بلدي الجميل ... حرصت على الحضور باكرا ... لعلي أسبق الجميع فأرصد ترتيب مجيء الحاضرات ... وصلت المسجد قبل موعد لقائنا بحوالي ربع الساعة ... فإذا بفتاة غريبة أجنبية شابة ... مع طفلتها ذات العامين في الغرفة المخصصة للأطفال في المسجد ... ظننتها زوجة أحد الطلبة أو المهاجرين المسلمين ... والأمر عادي لا غرابة فيه ... حييتها وسلمت عليها ... وداعبت صغيرتها ... ولكني لم أعرفها ولم أذكر أني رأيتها من قبل ... توافدت الأخوات الأخريات تباعا ... وابتدأت الأخت بإلقاء الدرس على مسامعنا ... وحقيقة هي لم تأت بجديد ... فالدين قديم ... لكن الجميل في هذا الدين أنه متجدد ... والتذكير ببعض نواحيه يجدد الإيمان في النفس (... تعال نؤمن ساعة ) ... ولذا ... فـــ(... الذكرى تنفع المؤمنين ) ... بعد ختام الدرس الذي ذكّرنا بجمال أخلاق الإسلام ... لنستشعر التعبد لله في ممارستها وتمثلها في حياتنا ، وأنها ليست مجرد ذوق إنساني ، أو أدب اجتماعي ، أو حياة مدنية ، أو قانون مسنون يجب اتباعه ،... بل هي عبادة وقربة ودين ... شكرنا أختنا المحاضرة ودعونا لها ... ثم استأذنت الجميع وقدمت الهديتين بجو من المرح البسيط : الهدية الأولى : كانت من نصيب هذه الأخت الغريبة ... والهدية الثانية : كانت من نصيب إحدى الأخوات من سوريا (الجريحة ... عافى الله جراح سوريا وشافاها وفرج كربتها ... ) ... فهي كانت آخر الحاضرات ... ودخلت قبيل نهاية المحاضرة بدقائق ... اقتربت إحدى الأخوات من هذه الفتاة الغريبة ... فهي غريبة عنا جميعا وهي وجه جديد ... ودنت منها أخرى ... وحادثتها برفق لتتعرف عليها ... فإذا هي بريطانية أبا عن جد .. قادمة من لندن منذ أسبوع ترغب بالاستقرار في هذه المدينة : قد دخلت الإسلام ... وتحجبت أمس ( السبت ) !! واليوم ( الأحد ) أول دخول لها للمسجد ... غمرتنا الفرحة والبهجة لهذا الخبر السعيد ... و سألناها : وكيف كان ذاك ؟ .. فقالت : أنها أسلمت بفضل الله أولا و آخرا ... ثم بفضل مجهوداتها الذاتية ... وبحثها عن الحقيقة ... وتحريها للحق .. ... إنــــه لمشهد عظيــــم رغم بساطته ... ... وإنه لموقف مؤثر عميق رغم قصره ... ... وإنها لفرحة ما بعدها فرحة لأخت فازت بهذه المَكرمة الربانية ... مكرمة الهداية ... الحمد لله الذي أنقذها من النار ... ومما زادني غبطة لها أنها أسلمت والتزمت الحجاب في ساعة واحدة ... ولم تنهج نهج بعض الناس من المسلمين في التدرج ( قياسا على تحريم الخمر ) ... بل أخذت الدين والملة جملة واحدة ... عقيدة وعملا ... قلبا وقالبا ... إيمانا وامتثالا ... حتى لكأنها ترجمة مرئية مشاهدة حية لمعنى : ( ما وقر في القلب وصدقه العمل ... ) ... فهنيـــــــئا ... ... مريـــــــئا ... ... هنيـــــــئا ... لها الأجران ... هنيئا لها التصديق بنبيها عيسى - عليه السلام - ثم الإيمان بأخيه محمد - صلى الله عليه وسلم - اللهم يا مقلب القلوب ... ثبت قلوبنا وقلبها وقلوب جميع المسلمين على طاعتك ... اللهم آمين ... آميــــــــــــــن ...