الاثنين، سبتمبر 27، 2010

ستر الجار

( 4 )

( الســــــتر ) أمانة !!!

قالت محدثتي :

كانت – رحمها الله - كتومة للمنكر ، تنهى عنه بأساليب تغطيه ولا تكشفه .. وتمحوه ولا تظهر أثره ..

موقف غامض !! لست أعرف كنهه ولا تفاصيله إلى يومي هذا !!! لكني استقيت منه دروسا في الكتمان ، والترفع عن الخوض ، وحفظ الأمانة ، وتحمل المسئولية على الوجه الأكمل ...

حسب مجريات أحداث ذلك الموقف .. فهمت أن أهل أحد البيوتات القريبة من بيتنا قد عزموا على السفر للاصطياف – وكان الاصطياف في ذاك الزمان يستغرق حوالي ربع السنة - وقد حمـّـلوا والدتي أمانة حفظ بيتهم أثناء غيابهم ... وخلال فترة غيابهم لاحظت والدتي – رحمها الله – من ابنهم الكبير ما يثير ريبتها ... – كل هذا وأنا لا علم لي بشيء – ولأنها أمية لا تقرأ ولا تكتب ، ولا ترغب باتساع دائرة افتضاح الأمر أو تسربه ، نادتني ... وكنت في الصف الأول أو الثاني الابتدائي ، - مع العلم أنه كان لي إخوة شباب أكبر مني – لكنها اختارتني أنا ، وأعطتني ورقة وقلما ، وأملت علـــيّ ... :

بعد السلام :

( ... يا فلان .. اعلم أن البيوت عورات ، واعلم أنك في بيت حمولة وابن حمولة* .. وأن والستر أمانة ، أما وإني قد انكشف لي من سلوكك ما يريبني ، ولست متجسسة ولا متكلفة ، لكني حمــّلت أمانة الحفظ .. فاتق الله يا رجل ! وأقلع عما كان منك ... وأعدك أنك إن فعلت : فالأمر يُنْسى ، وإن عدت ... فليس للشدائد إلا رجالها .. هذا ما لزم ، والسلام عليكم ورحمة الله ) ...

ثم أخذت الورقة مني ، ولم تأمرني بالكتمان – فقد أمرتني بفعلها لا بقولها – ولم تصارحني بأن أمرا جللا قد حدث ، لكني فهمت ووعيت الدرس ، ولم أتحدث عن هذا الآمر إلا الآن ، لعلمي أن جميع أبطال هذه الواقعة قد انتشروا وتفرقوا ، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ..

... كتبت رسالتها تلك ... ولست أدري كيف كان خطي ولا إملائي ، لكني كنت محتارة ومرعوبة لفداحة ما كان ... وإلى يومي هذا .. لست أدري ما حدث .. !! لكني أعلم أن الأمر لم يتطور لما هو أسوأ ، وأن الاعوجاج تقــوّم ... وأن النار أطفئت قبل أن يتسرب دخانها .. وأكاد أوقن أن هذا الأمر ما علمه منها من الخلق ســــواي ، ولولا احتياجها لي لما علم الأمر من الخلق أحد سواها ...

فاللهم كما سترت مسلما في الدنيا ، فأسبغ اللهم عليها وعلى أحبابها وجميع المسلمين سترا جميلا من سترك الجميل الكريم في الدنيا والآخرة ... فإنك – سبحانك - ستير ستار شرعت الستر وتحب الستر ..

**** **** ****

_______

*ابن الحمولة : تعني ابن العائلة الكريمة التي لا ترضى بالدنايا ...

هناك تعليقان (2):

  1. شكرا جزيلا افتقدكم وافتقد تعليقاتكم المشجعة
    هل قرأت سلسلة أيام غريبة ؟

    ردحذف