جبلت النفس على تذوق الجمال ...
لكن الإنسان لنسيه سرعان ما ينسيه الإلف ذاك الإحساس الجميل
كالشمس الرائعة ...
وإشراقها الخلاب
وغروبها الآخاذ ...
لا يكاد يبهر الإنسان ... لتكرر تلك الآية كل يوم صبحا ومساء
ومع ذلك فقد يقدح في الحس شعور لسبب أو بلا سبب يوقظ فيه ما غفا من أحاسيس فينتبه كأنما بعثت فيه الحياة للتو ... أو كأنما ذاك الجمال بزغ فجأة ... أو كأنه يرى المشهد لأول مرة في عمره !!!
هذا ما حدث معي اليوم ...ولم يكن بودي أن أسرد الحادثة أوأذيعها في الورى لحاجة في نفسي !!
لكن مع ذلك سأروي ما كان ..
... لا يغيب عن خاطري ولا عن خاطر أحد من المسلمين عظمة هذا الدين وروعته ، وجمال مبادئه ، ورقي تربيته لأتباعه ...
لكن لأننا ولدنا مسلمين ولآباء مسلمين - ولله الحمد كله والثناء الحسن - لا نكاد نرى عظمته وشموخ هامته !!!
أصبحنا نمارس الإسلام بعفوية كما نعيش الحياة ...نمارسه - ولله الحمد - بلا تكلف أو تفكير !!!
أطلت المقدمة فسامحوني :
كنت اليوم في متجر أتبضع في ذلك البلد البعيد ...
وقفت مع المصطفين في الطابور ثم دفعت المبلغ باستخدام بطاقة المصرف دون أنتبه أو أدقق ... شكرت البائعة ومضيت في طريقي عائدة إلى البيت ...
ولم يكن من عادتي أن أراجع ( الفاتورة ) أو أدقق فيها بعد الشراء والدفع ...
لكن هذه المرة شعور خفي لا أعلم له سببا ألح علي أن أنظر في ( الفاتورة ) ...
حاولت تجاهل ذلك الشعور خوفا من تأخري عن البيت ومشاغل البيت التي تنتظرني ...
لكن ذلك المطلب زاد إلحاحا ... - وهذه المشاعر والهواجس لم تستغرق من وقتي إلا لحظات أو دقائق -
نظرت في الفاتورة فوجدت اختلافا كبيرا في المبلغ لصالحي !!!
كان سعر مشترواتي ( ١٢٠ باوندا ) والبائعة سحبت من حسابي (٤٠ باوندا )فقط !!!
عدت مسرعة إلى المتجر ورحت أتصفح وجوه البائعات ( لأنني للأسف الشديد بليت بذاكرة ضعيفة كثيرة النسيان سريعة النسيان ) أهذه التي !! بل هذه !!
ثم الحمد لله أدركتها !!
وكانت مشغولة مع زبائن آخرين !!
استأذنتها لأكلمها !! لكنها اعتذرت لأنها مشغولة !!
ظللت أرقبها و انتظرتها حتى انتهت ثم توجهت لها مسرعة .. قلت لها : عفوا عزيزتي ! ربما هنا خطأ في فاتورتي !!
لم ترحب بهذه الملاحظة ( الإضافية ).. واستوضحتني متثاقلة ...
قلت لها : حاسبتيني على اعتبار أن ما علي هو ( ٤٠ باوندا ) وهذا خطأ !!! حسابكم ( ١٢٠ باوندا )..
صرخت : هل يعقل ؟؟
قدمت لها ( الفاتورة ) !!! فارتعدت واصفر وجهها !! واحتضنتني بقوة وقالت :كم أنت رائعة سيدتي !!
ما أعظم أمانتك ؟؟؟
أنا عاجزة عن شكرك !!
قلت لها : شكري أن تأخذي حقكم كاملا !!
قدمت لها بطاقتي المصرفية ...!!!
كررت بامتنان شديد : ما أعظم أمانتك !!
أجبتها بغبطة ما بعدها غبطة ... وبفخر ما فوقه فخر .. وبعز تتقاصر الثريا عن بلوغه :
عزيزتي أنا لست رائعة !!
ولست عظيمة ... ولست أمينة !!!
إنه ديني الذي علمني ورباني !!!
الإسلام يا عزيزتي لا يسمح أبدا للمسلمين أي يأخذوا ما ليس من حقهم ولو قدر منديل ورقي واحد !!!
فغرت فاها ساكتة !!!
ودعتها شاكرة لها داعية لها بقضاء يوم سعيد !!!
احتضنتني ثانية بقوة وتمتمت بكلمة شكر عميق !!
قالت لي مبتسمة ممازحة : لا بد أن أعود لمقاعد الدراسة لأراجع دروس الحساب !!
قلت لها : لا عليك عزيزتي !!
ما دمنا بشرا !!!
وما دمنا نعمل ... فالخطأ منا وارد !!!
غادرتها وغادرت المتجر .... ووالله الذي لا إله إلا هو لأني أشد منها فرحا وسعادة ...
سعادة بهذا الدين ...
وغبطة بهذه الملة ...
شعور علوي لا أستطيع له وصفا ولا تعبيرا ...
وفي هذا اليوم على وجه الخصوص ... تمر بلدي بظرف عصيب ... فرفعت كفي مبتهلة ابتهال الذين أطبق عليهم الغار :
اللهم كما هديتني ووفقتني لهذا وربيتي بهذا الدين ... بلا حول مني له ولا قوة ...
اللهم إن كنت تعلم أني بهذا إنما ابتغيت جهك الكريم ... فاللهم أتوسل إليك :بصنيعي هذا الذي هو منك وإليك أن تصلح أحوال بلدي
وبلاد المسلمين أجمعين !!!
وأن تصلح أحوال جميع المسلمين ...
اللهم آمين ...
آمين ...
آمين ...!!!
بكرم منك وفضل ومنة !!!
جميل جدا ..وفقك الله الى كل ما فيه خير دينك ودنياك.
ردحذفسعدت جدا و استمتعت بقراءة المقال .
دمتي بخير .
جزاكم الله خيرا
ردحذفوتقبل الله منا ومنكم
ووفقنا وإياكم لما يحب ويرضى
ويسعدني كثيرا أن تزودوني بالملاحطات التي من شأنها تساهم في إفادة القراء
...
لكن عفوا ومعذرة ...
من المرسل ؟؟؟
مع جزيل الشكر وصادق الدعاء