الخميس، يناير 27، 2011


                                       ( 6 )
درس في الأمانة !!
قالت محدتثي :
إن نسيت فلن أنسى صورة أمي في ( حوش المطبخ )– فناء المطبخ -
فأذكر أني حين كنت صغيرة جدا ، ربما كنت إذ ذاك في الرابعة أو الخامسة من عمري .. ، كان يؤتى ( بالمونة ) من سوق الخضار ، ولأن المشوار كان بعيدا ذلك الزمان ، فكانت هذه العملية تجرى على فترات متباعدة نسبيا ... وإذا أدخلت ( المونة )  تدخل في بيتنا ، وهي قسمة بيننا بين بيت أقاربنا – الملاصق لبيتنا – كنت وأنا ألهو وألعب قريبا من أمي ، كنت ألحظ ما يشبه لعبي ؛ إذ كانت تقوم بعملية فرز : فتنحي التالف من الثمار والخضار جانبا ، ثم تقسم الصحيح السليم إلى كومتين ، بعد أن ترفع قسما لجدتي ( جدتي لأبي ) ، وترفع قسما للخدم والعاملين ، ... ثم تناديني ؛ تناولني شريطين مختلفي اللون ، وتطلب مني أن أضع على كل كومة شريطا ، فإذا فعلت ، قالت : هذه لنا وهذه لعمتك !!!
أي أنها تجري قرعة ، لأنها هي التي كلفت بالقسمة ...
وهذا إنما يدل على دقتها ، وورعها مع أقرب الناس لها ، عدا البعيدين ، ذلك أن عمتي – رحمها الله – كانت تحب والدتي حبا شديدا ، وتثق بها ثقة عظيمة ، ولا ترى أي داع لهذه الدقة ( فالجيب واجد ) !!!
لكن الوالدة – رحمها الله – تأبى إلا ذلك التحري .

الأربعاء، يناير 26، 2011

بين الأزهرين


بين الأزهرين الأنورين : 
الكتاب العظيم
والبيت العتيق 
في رحاب الحرم المهيب 
حيث مهوى الأفئدة ...

ونفس شبت على الطاعة فشابت عليها 
فصار هذا غذاؤها وهو قوامها 


 ألهمني هذا المشهد أن ألهج بالتضرع : 
اللهـــــــــم استعملني على عمل صالح ... واقبضني عليه ... 
اللهــــم آمين !!!
                 
                                                                                                                      الصور ملك خاص للمدونة 


الثلاثاء، يناير 25، 2011


                                    ( 16 )
من حيـــــــــــــل الطفولة

       كان الأب كثيرا ما يجمع أصحابه في شقته الصغيرة فيما يشـــبه ( الديوانية ) ... وكانت الصغيرة نورة ( ثلاث سنوات) تلــــــعب دور ( المراسل ) بين أمها والأضياف ... تحمل للأضياف الماء .. أو علب المناديل الورقية ... أو غير ذلك من خدمات تجد فيها متعتها ..
...
       لكن بحكم طفولتها ... وصغر سنها ... كانت تسبب للوالد ولأضيافه مضايقات ... كأن تتحرك فتسكب الماء أو الشاي ... أو تحاول أن تلفت الأنظار لها كلما انشغلوا عنها تبعا لنظرية ( نحن هنا ) .. بكثرة الإزعاج أو الحركات أو الكلام ...
       ... وفي أحد الأيام ... بلغ منها الإزعاج مبلغا أغضب الوالد بعض الشيء فحملها لأمها طالبا من الأم أن تمسكها وتمنعها عنه وعن الأضياف  ...
       ... فعلت الأم ذلك وراحت تشغل الصغيرة بأمور أخرى ...
       ضاقت الصغيرة نورة ذرعا بـــــ( منع التجول ) الذي ضرب عليها .. وحاولت بكل حيلة أن ( تخترق ) المنع ... فتفتق ذهنها الصغير عن حيلة طفولية ذكية ... استنجدت لها بسلاح الطفولة         ( الفتاك ) ... استخدمت الدموع ( الحرى ) ... دموع البنيات ... وأظهرت الضعف والمسكنة ..
       وكان منظر الدموع ( مأساويا ) ... لكن كلماتها المصاحبة للدميعات قلبت المأساة إلى نكتة طويلة ... وضحكة عريضة ... إذ أنها بذكائها حولت الحسرة من حسرة على نفسها بسبب ( منع التجوال ) إلى بكاء لحال أضياف  أبيها ... وراحت تندب حظهم وتولول بحسرة .. وكلماتها تسابق دميعاتها الحارة :
( مسكينين الرياليل ...
مسكينيين الرياليل ...
ما عندهم بيت ...!!! )[1]

****    ****    ****


- مسكينيين : تعني مساكين [1]
- الرياليل : تعني الرجال ..










السبت، يناير 08، 2011

يد صغيرة بيضاء ( مخروقة ) !!!

( 32 )

حــــــــيرة الكريـــــــــم !!

الجدة منيرة أعطت حفيدها عبد الرحمن – الذي لم يكمل عامه الثالث بعد – ورقة نقدية ليتبضع بها في السوق المركزي مع مرافقيه .. لقيته خادمتهم قبل خروجه من البيت و قالت له مداعبة : ( ما عندي نقود !!) .. ونظر إليها فإذا الخادمة الثانية تداعبه قائلة : ( وأنا ما عندي نقود ) !!!

... نظر الصغير إلى نقده الورقي الذي في يده .. ونظر إلى الخادمتين ، وقلب ناظريه في الجهتين برهة قصيرة ، ثم قرر وفعل ( فعلة الكرم والشهامة !!! ) : ... شطر النقد الورقي شطرين وأعطى كل واحدة منها شطرا !!!

**** **** ****

حكايات عن الجدات

حكايات عِذاب عن الجدات !!

قالت محدثتي :

إن نسيت فلن أنسى يوم جلسنا نتذاكر محاسن موتانا .. لنأخذ من حياتهم عبرا وفخرا .. ولنعطر حياتنا وفاءا بأهل الفضل من أهلينا ، فكان لجداتنا نصيب وافر .وهن أهل لذاك !!!..

فتداعى على ألسنتنا بعض ما احتفظت به ذاكراتنا من ملامح ومحطات في سير جداتنا – رحمهن الله – فتسابقنا في نشر المحاسن

***** ***** *****

( 13 )

حـــــياء

في الحياة إلى الممات !!

قالت محدثتي الأولى :

هذه جدتي ... ولست في هذا أزكيها ، ولا أطريها ، ولا أدعي أنها كانت ملَكا ، ولا أنها من الصفوة ، ولا هي من خير الناس ... لكني رافقتها دهرا ؛ ورأيت ، وشهدت بما علمت .. ومن الأمانة أن أظهر ما تكشف لي من جوانب في حياة إنسان تستحق النشر في المحيط البشري حولي ... وإنني حقيقة أرى أنها - رحمها الله – ليست بدعا في خصالها التي أطرحها في هذه الخواطر ، لكنها تمثل غالب ذلك الجيل الذي عاشت فيه ، فكأنها - رحمها الله - كانت نموذجا لجيل مضى إلى ربه ، وهي مع هذا ؛ لا تسلم من الخطأ الذي لا يسلم منه بشر ، الذي نسأل الله - العفو الكريم - أن يتجاوز عنها وعن المسلمين أجمعين .. اللــــهم آمين

...

استرسلت محدثتي :

لا أظن أحدا من الأحفاد تمتع بحضن جدتي - رحمها الله - كما حظيت أنا ، فلقد (أوقفتي ) والدتي- رحمها الله – لمؤانسة أمها ، وكنت أمكث عندها في بيتها العتيق الأشهر ذوات العدد ، ذاك البيت الصغير بحجم جسدها النحيل ، البسيط ببساطة روحها العفــوية ، الجميل بجمال حنانها الفطـــري .. ولقد تكشف لي من خبايا نفسها القدر العظيم ..

كانت - رحمها الله – على قدر وافر من الحياء ؛ حتى إنها لتستحيي من أصغر أبنائها الذي تسكن معه في البيت ، الذي هو خالي - رحمه الله - فتتعامل معه كما تتعامل مع الزائر الغريب : بحفاوة ومجاملة ، مع ما يكنه لها خالي - رحمهما الله – من الود والبر والتبسط ..

ومن مظاهر حيائها الجم : أني مع طول مكثي معها ، ومصاحبتي لها ، لم أكن لأكاد أسمع منها إلا همسا ... فصوتها خفيض جدا ، وضحكها هامس ..

كنت أشعر بحنوها الفطري ، وإن لم تكن تصرح به أو تعلنه ، بل يتبدى لي من تصرفها الرقيق وهمسها الحيي ..

**** **** ****

من أهازيجنا العذبة

الصور ملك خاص للمدونة

يا حليل بيت ( أبيي ) يا حليل بيت ( أبيي )
كله سعة بسعة
ومصككة بيبانه ومصككة بيبانه
ياربي ترجعه !!!

من أهزيجنا العذبة ومعناها :
ما أجمل بيت ( أبيي ) - بالتصغير توددا وتحببا -
كله رحابة وسعة
مغلّـــقة أبوابه - لطول غيابه -
فيا ربي رده سالما لتتفتح أبواب بيتنا -


السعادة بين يديك


الصور ملك خاص للمدونة



تضمه الأنامل



تحتضنه القلوب
تجلو به الأبصار
وتستنير بنوره البصائر



بالتأكيد : حجابي نور حياتي




الصور ملك خاص للمدونة

وينشأ ناشيء الفتيان فينا
 على ما كان عوده أبوه

وما دان الفتى بحجيِ ولكن
يعوده التدين أقربوه

****    ****    ****

الجمعة، يناير 07، 2011

الأربعاء، يناير 05، 2011

من يصحح الخطأ ؟؟؟

( 11 )

درس في المســــــئولية

تعودت الأسرة أن من يعمل عملا يتحمل نتيجة عمله إن خيرا يشجع وإن خللا يلزم بإصلاح ما أخل ...!! وإن ساعده أحد في الإصلاح فلا مانع لأن التعاون مطلوب ...!! بل مرغوب محبوب ...

صهيب تلميذ في الصف الأول الابتدائي ... وفي أيام دراسته الأولى ... ومع محاولاته الأولى كانت الأم تقف منه موقف المساند المساعد المؤازر المشجع ... فكتب كلمة كابد صعوبة في كتابتها ... لكنها ليست هي المطلوبة بل كتبها بدل كلمة أخرى وكانت كلتا الكلمتين من الصعوبة بمكان ... وكمساعدة له ... مسحت الأم الكلمة الخاطئة ثم طلبت منه إعادة كتابة الكلمة الصحيحة وإعادة المحاولة ... وإذ به يصرخ محتجا ومقسما بأغلظ الأيمان ...

قال : ماذا ؟!!! ... والله لن أكتب شيئا !!! هذا ظلم ..!!!

هذا ليس عدلا ...!!

استغربت الأم هياجه وصياحه وثورته واحتجاجه ... ولم تتبين ما يريد ... ولماذا هذه الثورة الــــــعارمة ...!!

ولما استوضحت منه قال : الذي محا الكلمة هو الذي يكتبها ... أنت التي محوت الكلمة.. فأنت تكتبينها ..!! أليس من ارتكب خللا هو

يتحمل نتيجة خلله ؟؟!!

انطلقت من قلب الأم ضحكة صادقة لهذا التصور البريء للمسئولية ولهذه العفوية المفاجئة ... ضحكة سرت في نفس الصبي فهدأت من غضبه... واسترخت أعصابه واستغرب ضحك أمه الذي لا مناسبة له في هذا الموقف في ظنه ...

قالت له : نعم يا طيب ... المخطئ يصحح خطأه .. وأنت أخطأت في الكتابة ... والمطلوب أن تصحح خطأك ... أما أنا .. فحين محوت الخطأ ففعلي لأجل مساعدتك ... أبدى الفتى الصغير بعض الاقتناع ... وأعاد كتابة الكلمة صحيحة على مضض ...!!!

**** **** ****

المضيافة

( 7 )

أم الجميـــــــــــــــــــــع

... محدثتي هذه – وكنت ألحظ منها روحا اجتماعية طوعية غير متكلفة ..

فسألتها : كيف اكتسبت هذه الروح !

أم أنها سجية جبلية جبلت عليها ؟ ..

قالت محدثتي : إن نسيت فلن أنسى صورة أمي الاجتماعية ... فلربما ألقت تلك الصورة بشيء من ظلالها على شخصيتي ..

أوتيت أمي – رحمها الله – روحا اجتماعية فياضة ، يشهد لها الجميع .. وكانت وصولة للرحم – يرحمها الله – تحب التواصل الاجتماعي .. وأذكر أن بيتنا كان عامرا ؛ لا يكاد يخلو ساعة من الضيوف الأباعد والأقارب ، والجارات اللاتي كانت تتفقد أحوالهن – خاصة المتغربات البعيدات عن أهليهن من الدول العربية الأخرى ، وربما من دول غير عربية – حتى أن القرابة التي من جهة زوج عمتي ؛ كانت تستضيفهن في بيتنا ، لا بيت عمتي .. وترحب بهن على موائدها العامرة : فطورا وغداءا وعشاءا ، بروح حميمية صادقة ، ولها من انشراح الصدر ما تحتضن الصغار قبل الكبار ، لا تمل ولا تضجر وإن لم يكونوا قرابتها أو أرحامها أو لهم عليها حق خاص !!...

وكانت تقوم بخدمة الجميع بأريحية وود ، ومما يكشف جانبا من ذلك : أنه لم يكن يباشر الضيافة بتقديم الشاي للحاضرين الأقارب أو الأباعد إلا هي بنفسها ، حتى أن جليساتها - رحمهن الله - كن يمازحنها وتقول إحداهن لها : يا أم ... ! إن سافرت فاتركي لنا يديك لتسقينا الشاي ..

بل كانت من تقول لها : أن توفيت قبلنا ، فسندفنك ونبقي يديك لتقدم لنا الشاي .. وقدر الله وتوفيت قلبهن .. وكنت في مناسبات كثيرة أسمع الدعاء : عساها أكفا وأيادي محرمة على النار ...

فأردد في نفسي : اللهم آمين ...

**** **** ****