( 7 )
أم الجميـــــــــــــــــــــع
... محدثتي هذه – وكنت ألحظ منها روحا اجتماعية طوعية غير متكلفة ..
فسألتها : كيف اكتسبت هذه الروح !
أم أنها سجية جبلية جبلت عليها ؟ ..
قالت محدثتي : إن نسيت فلن أنسى صورة أمي الاجتماعية ... فلربما ألقت تلك الصورة بشيء من ظلالها على شخصيتي ..
أوتيت أمي – رحمها الله – روحا اجتماعية فياضة ، يشهد لها الجميع .. وكانت وصولة للرحم – يرحمها الله – تحب التواصل الاجتماعي .. وأذكر أن بيتنا كان عامرا ؛ لا يكاد يخلو ساعة من الضيوف الأباعد والأقارب ، والجارات اللاتي كانت تتفقد أحوالهن – خاصة المتغربات البعيدات عن أهليهن من الدول العربية الأخرى ، وربما من دول غير عربية – حتى أن القرابة التي من جهة زوج عمتي ؛ كانت تستضيفهن في بيتنا ، لا بيت عمتي .. وترحب بهن على موائدها العامرة : فطورا وغداءا وعشاءا ، بروح حميمية صادقة ، ولها من انشراح الصدر ما تحتضن الصغار قبل الكبار ، لا تمل ولا تضجر وإن لم يكونوا قرابتها أو أرحامها أو لهم عليها حق خاص !!...
وكانت تقوم بخدمة الجميع بأريحية وود ، ومما يكشف جانبا من ذلك : أنه لم يكن يباشر الضيافة بتقديم الشاي للحاضرين الأقارب أو الأباعد إلا هي بنفسها ، حتى أن جليساتها - رحمهن الله - كن يمازحنها وتقول إحداهن لها : يا أم ... ! إن سافرت فاتركي لنا يديك لتسقينا الشاي ..
بل كانت من تقول لها : أن توفيت قبلنا ، فسندفنك ونبقي يديك لتقدم لنا الشاي .. وقدر الله وتوفيت قلبهن .. وكنت في مناسبات كثيرة أسمع الدعاء : عساها أكفا وأيادي محرمة على النار ...
فأردد في نفسي : اللهم آمين ...
**** **** ****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق