الاثنين، مارس 26، 2012
دموع جدتي !!
قالت محدثتي :
ذات أمسية من أمسيات الصيف الجميل ... كنت صغيرة جدا ألعب في ناحية من فناء منزلنا القديم الرحيب حين عاد والدي – رحمه الله – بعد أن أدى صلاة العصر في المسجد القريب ...
كانت جدتي – رحمها الله - لا زالت في مصلاها في الناحية الأخرى من فناء منزلنا ... تسبح وتهلل وتذكر الله ...
جلس والدي على الأرض قريبا منها إلى يسارها ... يحادثها ويلاطفها ... ثم - مبالغة منه في إيناسها - أخذ يرتل عليها آيات مباركات من سورة يوسف – عليه السلام – وهي تنصت ...وأنا ماضية في لعبي لا علي ولا لي !!!
كان الصوت الشجي ... والآيات البليغة ... بعد رقة القلب بأثر الصلاة والذكر والتسبيح ... كل هذا حرك في وجدان جدتي مشاعر جياشة ففاضت مدامعها وأجهشت بالبكاء ...
كنت مستغرقة في لعبي ... لكني احترت في سبب بكاء جدتي ... ولم أسألها ... ولم أسأل والدي ... وكنت صغيرة جدا لا أعرف تلك المشاعر التي كانت تعايشها في تلك اللحظة ... والبكاء عندي أعرف أسبابه الطفولية البسيطة ... وحسب !!
ثم وقع في نفسي شيء كأني عرفت سبب بكائها ... فعللته لنفسي مع استمراري في اللعب منفردة ... قلت لنفسي جازمة : نعم ... إنها تبكي علي ... لأن أبي سمعته أنا يقرأ في القرآن أني أنا ( هدى ) .. سيدخلني ربي النار !!!! فهي خائفة لي ومشفقة علي ...
**** **** **** ****
إلى اليوم ... لست أدري سر ذلك الهاجس .والسبب الذي جعلني أفسر سبب بكاء جدتي هذا التفسير المرعب .. ولماذا وقع في نفسي هذا الشعور ...
ربما لأنني سمعت أبي وهو يتلو القرآن سمعت كلمة ( هدى ) ... وهذا هو اسمي ....
وبكاء جدتي في ذلك الموقف ربما هو أوحى لي بالخوف علي من النار ...
لماذا أنا تحديدا ؟؟؟
لست أدري !!!
**** **** **** **** **** ****
وإلى اليوم .... كلما تلوت سورة يوسف - عليه السلام - أو سمعتها تتلى ... تتفجر تلك الصورة البريئة أمامي ... وأترحم على جدتي ووالدي – رحمهما الله –
**** **** **** ****
والغريب أني – والحمد لله - لا تداخلني أي مشاعر سلبية بتاتا من تلك الصورة ... بل أتذكر لعبي في ( الليوان ) عصر ذلك اليوم وكل يوم ...
وأتذكر سجادة جدتي ممدودة كل عصر تصلي عليها وتظل جالسة تسبح وتهلل مدة من الزمن ...
وأتذكر والدي وهو جالس بقربها بحب وحنان ...
وأتذكر قراءته وصوته الجميل ...
وأتذكر بكاءها الذي لم أكن أفهم أنه كان خشوعا ... أو خوفا ... أو طمعا ....
... رحم الله والدي وجدتي وموتى المسلمين أجمعين ...
اللهم آمين !!!
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق