الأربعاء، مارس 21، 2012

استرخاء العصافير !!!

  صهيب في حوالي الخامسة من عمره ... جبل على حب الاستكشاف .. ومغرم بتقمص فعال الكبار ... وقع في يديه شريط تسجيل ( يوم كان لأشرطة التسجيل صولات وجولات !! ).. وكانت مادة الشريط التدريب على مهارة الاسترخاء ، وكيف يكون الاسترخاء وسيلة للإيحاءات الإيجابية ... وقد لاحظ أن الأهل يثنون على الدكتور الذي يقدم هذه المادة ... وأنهم معجبون به وبمادته ... خاصة أنه يعرف هذا الدكتور ... وابن هذا الدكتور  زميل لصهيب  في المدرسة .. وقد زارهم هذا الدكتور يوم استضافته الإدارة المدرسية ويتذكر أن هذا الدكتور قد أبدع في الحديث معهم وأسعدهم بأسلوبه الذي كان قريبا من مداركهم ... فكان وعظه وتوجيهه مرحا طفوليا بتصورات وأمثلة جذابة ...
      لكل هذه الأسباب ... تحمس صهيب ليستمع لهذا الشريط .. فلما كان موعد النوم استأذن والدته أن يستمع لهذا الشريط وهو مستلق على فراشه ...
        رحبت الوالدة بذلك ... لعل هذا الشريط بمادته التربوية النفسية في هذه الساعة المباركة لعله يشجع هذا الصغير على كسب مهارات جديدة ... ولعله - ولو لهذه الليلة فقط - يتوقف عن كثرة النهوض من الفراش تهربا من النوم لأعذار لا تنتهي !!!!
       انزوى في فراشه ... وأسبغ الغطاء ... وأخفض ضوء  السراج ...  ملبيا كل الشروط - للاستلام والتجاوب مع تمرين الاسترخاء  ...
       فرحت الوالدة أيما فرح بالهدوء الجديد الجميل الذي طرأ على هذا الفتى الصغير المفعم بالنشاط والحيوية  ... وطمعت أن يكون هذا اليوم صفحة جديدة في شخصيته ... 
     ساد المنزل هدوء مريح قلما تنعم العائلة بمثله ... فالصغار أغلبهم غلبهم النعاس ... واستسلموا للأحلام البريئة ... 
       ظنت الوالدة أن العزيز صهيب ... المتعب من اللعب طيلة اليوم ... بهذا الجو المشجع للنوم ... ظنته نام مع النائمين ... 
      استسلمت لعملها على الحاسوب اقتناصا لفرصة من الفرص الغالية ...
      ... فجأة دخل صهيب غرفة المكتب ... وبعصبية واضحة واحتجاج كبير ... قذف الشريط على أقرب مقعد وقال مستفهما مستفسرا :  !!!! 
ما هذا !!
ما يقول هذا الرجل !!! 
كاد يقتلني !!! 
وربما قتل أناسا قبلي ...!!!
     دنت منه أمه ووضعت يدها على كتفيه لتطمئنه ، وسألته : ماذا حصل يا صهيب ؟ ماذا الذي أزعجك ؟؟
رد بحدة : لا بد أن نشتكيه عند الشرطة !!!
أجابته مستغربة  ومبدية الجدية والاهتمام : أوه ... أوه .... أوه  !!! وصل الأمر للشكوى عند الشرطة  !!!
لا بد أن الأمر خطير !!!
ما الخبر يا صهيب ؟؟!!
      تنهد قليلا  ... قال : تصوري يا أمي !! إنه يقول : أمسك نفسَك  ... وعد عدا بطيئا من الواحد إلى العشرة !!  لا .... بل هو الذي يعد عدا بطيئا جدا !!!! 
أنا أمسكت نَفَسي معه وهو يعد !!! 
ما كاد يصل إلى  رقم أربعة حتى كدت أموت اختناقا !!! كيف يريد من الناس أن يصلوا معه إلى رقم عشرة وهو يعد بهذا البطء !!!
 
       تبسمت أمه وقالت : لا شك أنك وجدت مشقة كبيرة في ذلك !! أليس كذلك !!
صرخ : ليس مشقة !! بل كدت أموت !!!
  ردت عليه : ... هذا تمرين وتدريب للذين هم أكبر منك سنا !! 
وقد سمحنا لك بسماعه لثقتنا أنه لا يمثل أي خطر .... لكن أنت و من هم في مثل عمرك فيمكن أن تتنفسوا بعد الرقم ثلاثة أو أربعة ... أو حتى قبل ذلك ...
هو تمرين ليرتاح من يمارسه ، فإذا أحس أحد بالتعب فلا بأس أن يتوقف ويتنفس طبيعيا ( حتى 
لا يختنق ) ... وقد أحسنت يا صهيب حين تنفست لما أحسست بحاجتك للنًفَس !!!  
ثم ساءلته مداعبة : ... لكن بصراحة يا صهيب أليست هذه تجربة جديدة ...وقليل من هم في مثل عمرك من جربوا خوضها !!!  بالتأكيد هي - أيضا - تجربة جديدة لرئتيك !!! 
     تبسم ... و... حاول إخفاء بسمته ليظهر جدية احتجاجه ... ثم قبل يد أمه ونهض !!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق