الأربعاء، فبراير 29، 2012

الهدية ( الخارقة ) !!!

كانت متفوقة على زميلاتها رغم صغر سنها ... فالتلميذة حصة أصغر التلميذات في المدرسة كلها ... ومن في مثل سنها من الأطفال لا يزالون في رياض الأطفال ... لكن ملمحا لمحه فيها الوالدان فألحقوها بالابتدائية باكرا .. لم تكمل عامها السادس بعد ...
كانت سعيدة جدا بذلك ... ولقد قبلت التحدي بمعنويات عالية وحماس متقد ونجحت في ذلك ... فكانت رغم صغر سنها وضآلة حجمها كانت في المراكز الأولى متقدمة دائما ...
وفي يوم العلم ... كم كانت فرحتها عارمة حين انتظمت في طابور المتفوقات ... لتنال التكريم وتحظى بالجائزة ... كانت البهجة تتراقص في عينيها البراقتين البريئتين ....
كانت ترقب المنضدة وقد رصت فوقها الهدايا و الجوائز والحوافز بشغف عظيم ...
قلب الطفلة حصة يكاد يطير من مكانه جذلا ... تقلب عينيها بين الهدايا بأغلفتها الزاهية ... وشرائطها البراقة ... لا تدري أي هذه الهدايا لها !!
حان دورها ...
وارتفع بمكبر الصوت من الإذاعية المدرسية ذكرها ، صدح اسمها في أرجاء المدرسة ...
...
هرولت مسرعة تحلق بها فرحة الأطفال ... وتشع من عينيها براءة الدنيا ... تكاد بحجمها الصغير ... وجسدها النحيل ... تكاد تطير لا تسير ...
صافحتها مديرة المدرسة .. واحتضنتها ... وسلمتها شهادة التفوق ... وناولتها ( جائزتها )....
كانت جائزة كبيرة الحجم ... ثقيلة الوزن ... ربما تساوي التلميذة الطفلة حجما ووزنا !!!!
كم كان فرحها بهديتها عظيما ... ومما زادها غبطة ... هذا الحجم الهائل ... تحملها بمشقة وعناء وتكلف كبير ... لكنها لم تكن لتسمح لأحد أن يساعدها في حمل هديها ( الخيالية الخارقة )!!!
كان عقلها الصغير يدور في خيالات وتصورات عما تحويه هذه العلبة الغالية ...
تخيلت كل ألعاب الدنيا !!!
توقعت مفاجآت ( خيالية )!!!
صبرت نفسها وقاومت فضولها ... لن تفتح الهدية إلا في البيت ... بين أحضان الأسرة ليشاركها الجميع فرحتها !!!
مضى اليوم الدراسي ... لم تستوعب خلاله شيئا ... فهي مشغولة الخاطر بحلمها الجميل ... منهكة اليدين بحملها الحبيب ....
رن الجرس إيذانا بنهاية الدوام ... وربما كانت التلميذة حصة -على غير عادتها - أول من غادر المدرسة ... تلقاها والدها وحمل عنها هديتها الثقيلة ... وكانت بحق ثقيلة !!!!
ما إن وطأت قدماها الصغيرتان أرض البيت حتى اجتمع الوالدان والأخوة يهنئون حصة ويباركون لها تفوقها ... وعيون الصغار منهم تتسابق لهذه الهديه الكبيرة ...
توسطت حصة الجميع ... وشاركها إخوتها فك الشرائط البراقة تمزيق المغلف الأنيق .....
لكن ...
ما أن انكشفت العلبة الكبيرة ... وانطرحت أغلفتها حتى انتاب الصغيرة حصة شعور بارد ... وكذا إخوتها الصغار ... بل حتى الوالدان ... طاف بهما شعور محبط .... !!!
كانت هدية التلميذة المتفوقة الطفلة حصة ( أواني منزلية حقيقية : أطباق بأحجام عائلية مختلفة وأوعية للحساء وأكواب للشاي والحليب ... ) ... !!!
!!!!!
ثار في خاطرها تساؤل ... طفح على محياها... ولم تنطق به شفتاها ... : ( أين الجائزة ؟؟؟ )
....
تبخر شعور البهجة ... بل كان حلما أو سرابا !!!!

لكن حكمة الوالدين سارعت بالتحفيف من ذاك الشعور المحبط والانكسار الأليم ...
أظهرا لها روعة الهدية ... وكيف أنها مفيدة للعائلة كلها ... وبما أنك يا حصة كنت سببا لتكريم عائلتك بهذه الجائزة ( العائلية )(( المتميزة ))... فلك من عائلتك جائزة شخصية متميزة ...
موعدنا - إن شاء الله - بعد تناول الغداء والراحة قليلا في رحلة خاصة بك إلى متجر الألعاب الفاخر تختارين هدية بحجم هديتك هذه ... لكنها وفق ذوقك واختيارك !!!!


*******

ليس من عادتي أن أذيل الملاحظات على ما أكتب ... لكن الموضوع يستحق أن أسجل عليه ملاحظة ...
وأظن أنها ملاحظة هامة جدا ...:
فالحكمة الحكيمة : ( أنزلوا الناس منازلهم ) ...
والطفل منزلته منزلة الطفولة والألعاب والقصص .... وأما المطبخ والبيت والشؤون البيتية فلذلك أهله وناسه !!!
وهدية التفوق ليست كهدية ( المنزل الجديد مثلا )...
وما يقدم للكبار ... لا يسعد الصغار ... بل لا يدخل دائرة اهتمامهم أصلا ...
واختيار الهدايا للمناسبات المختلفة ... فن .. وذكاء ... وعلم ... وبصيرة ... وليس مجرد حمل ينوء به الكاهل فيرمى ..!!!
للهدايا والجوائز مقاصد شتى ... فلابد أن تراعى تلك المقاصد لتجنى الثمار !!!

هناك تعليقان (2):

  1. يا له من موقف مميز ومؤثر
    تابعته وكل شوق لمعرفة الهدية كما كانت لابنتكم حصة
    وتوقعت الهدية لأنها معروفة دائما من معلماتنا
    وما استوقفني سرعة رد الوالدين على الهدية بأخرى
    الله يكتب لكم الخير دائما


    عبدالرحمن المطوع

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا لمروركم الكريم ...
      وشكرا لتجاوبكم وتعليقكم ...
      أما عن قولك : ( ... وما استوقفني سرعة رد الوالدين على الهدية بأخرى ) ...
      فأقول : قدر الوالدين أن يمتثلا اللافتة المرورية المغروسة في شوارعنا عند الجسور : ( توقع غير المتوقع .. ) !!

      لا بد أن يكونا بجاهزية عالية للمفاجآت !!!

      حذف