الثلاثاء، ديسمبر 07، 2010

الطريق الوعرة

-4-

الطريق الوعرة

... في طريق الهجرة الوعرة ...

.. و فوق الرمضاء الحارة ...

.. وعلى الرمال الهشة الناعمة الملتهبة ..

.. وبين أفواج السيارات المترامية على جانبي الطريق الرملي ما بين معطلة ومنكفئة .. أومغروزة في الرمال .. شقت كثير من العائلات دربها وسط الآلام .. آلام الطريق ومشقته .. وهذه الآلام – على فظاعتها – تهون أمام آلام النفس وجراحتها الغائرة ..

انحدرت الدموع صامتة ...

همست زوجة لتخفف اللوعة عن زوجها : إنها مُرة .. لكنها في سبيل الله .. تحلو وتهون !! و والله .. يعلم الله .. ما خرجنا إلا فرارا بالدين .. أن ينال منه دنس بعثي .. لا يرقب في مؤمن إلا ولا ذمة ... أما الموت .. فلن يقدمه بقاء .. ولن يؤخره هروب !!..

والتفت أب إلى أحد صبيانه .. وقد رسم على محياه الحسير ابتسامة لها ألف معنى : صهيب ! قد نالك من سميِّك الصحابي الكريم نصيب من الهجرة .. فعسى أن ينالك نصيب من بشارته .. ( ربح البيع أبا يحيى !! ) ...

.. وعند أول طريق معبدة في أرض المملكة ...

تلقتهم الوجوه السمحة .. والقلوب الطيبة .. و الأخلاق الشهمة ..

تراكض شباب الجزيرة و الخليج بمروءتهم .. ونجدتهم العربية الخالصة .. لإسعاف المصاب ونجدة المرهق .. وإرواء الظمآن .. وإطعام الجائع .. وإغاثة الملهوف .. تحدَّرت على الوجنات دمعات ودمعات .. وغص الحلق بالعبرات .. وتهدجت الكلمات وتداعت المشاهد فتذكروا خلال الدموع :

قبل شهر تماما .. كنا على صعيد عرفة ... نادى مناد في الحملة ... أن يا أهل الخير ... هلموا للخير .. قد عزمنا على جمع التبرعات لسقاية الحجيج ...

وتسابق الجميع في مضمار الخير ذاك .. بل حتى الفراشين وخدم الحملة .. كل أدلى بدلوه في ذلك السبيل .. وجمعنا من الخير قدرا مباركا فكان ( سبيل الماء ) شاحنة كبيرة ملأى بقناني الماء البارد ، وشاحنة أخرى ملأى باللبن البارد و الزبادي .. وزعناها على فقراء الحجيج الذين توافدوا إلى ذاك الصعيد المبارك من كل فج عميق لتطفئ شيئا من ظمأهم في أيام الصيف الحارة ...

.. والحمد لله ... أن كان آخر أعمالنا في دنيا ترفنا : حج وصدقة ..

نسأل الله القبول

**** ***** ****

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق