الثلاثاء، أكتوبر 05، 2010

فداءلأهلي

-5-

خـــــيركم لأهله

في أحد طرقات المدينة ( المنكوبة ) ... توجه شاب قـــــد انتظم في سلك المقاومة المسلحة ... تمتلئ سيارته أسلحة ... توجه حيث كان مقررا له .. وقــــد سلك هذا الطريق تبعا لأمر قــد تلقاه من قيادته ... و فجأة ... وقع ما لم يكن بالحسبان .. فهذا الطريق - حسب مراقبة المقاومة وتخطيطها - كان خاليا من نقاط التفتيش والسيطرات ... فكيف ومتى زرعت هذه النقطة ...!!

أوقفه ضابط السيطرة ...!

حوقل ... واسترجع ... وأسلم أمره إلى الله ... ظن أنه في أهون الأحوال مقتول لا محالة ...! إن لم يسبق القتل تعذيب وتنكيل و تقطيع ..

.. نظر الضابط في هويته ( المزورة ) ...

أمره أن يفتح الصندوق الخلفي للسيارة ...!!...

... وفي لحظات أسرع من لمح البصر ... تصارعت في نفس الشاب رغبات ... أيفتح الصندوق ..!.. أيهرب ..!.. أيرجع بسيارته للخلف فيقتل العسكري دهسا .. ؟!..

وانتبه من تصارع رغباته على صوت الضابط يناديه صارخا من خلفه :.. افتح ..!!

سلم أمره إلى الله صادقا .. وفتح الصندوق الخلفي .. للحظات كأنما الدهر توقف عندها .. ثم بحركة غريبة مرت كطيف خيال .. أغلق الضابط السيارة بعصبية ظاهرة ... وصاح في وجه الشاب : ... انطلق ...!!

تساءل الشاب باستغراب : إلى أين ..؟..

الضابط عازما : إلى حيث شئت !

الشاب مبهورا : إلى حيث شئت ؟!..

الضابط - مصرا - : نعم ...! هيا بسرعة !

أدار الفتى مفاتيح سيارته .. وانطلق ... وسط دوامة من الذهول و التساؤل ...وكان بين الفينة والأخرى بحركة لا إرادية لا شعورية ... يغمض عينيه لحظة ... ويخفض رأسه ... ويرفع كتفيه كأنما يتوقع رصاصة في مؤخرة رأسه ... وبين أذنيه ... وكان بين الفينة والأخرى ... ينظر وراءه عبر المرآة الأمامية للسيارة ... يرقب الضابط الذي كانت صورته تتلاشى عن ناظريه كلما مضت السيارة في سيرها ....

بلغ الشاب مراده ... ووصل حيث أراد .. وقدرت له السلامة ... وأفرغ حمولته من الأسلحة ...

و لفرط استغراقه في الاستغراب وذهوله مما جرى له و مما حدث معه ، ولإلحاح حب الإطلاع في جنبات نفسه ... عزم على العودة على نفس الطريق .. لعله يجد ذلك الضابط ..

و بالفعل .. وجد ذلك الضابط واقفا مكانه .. - وبإصرار عنيد .. قد يودي أحيانا بصاحبه إلى التهلكة - ... ترجل الشاب من سيارته ... واقترب من الضابط

وقال له : عفوا ... هل تعرفني ...؟

نظر إليه الضابط :.. شاهدتك قبل ساعة .. ماذا تريد ؟...

الشاب : كانت سيارتي فيها ما فيها .. وأنت من أنت .. فلم تركتني ...؟!!

الضابط : عجيب !... وما شأنك ؟!!..

الشاب : ناشدتك الله ... إلا أخبرتني !

الضابط _ بلهجة حكيمة _ : ( يا بني ... اللي ما فيه خير لأهله وبلده ... ما فيه خير للناس ) ... !!

الشاب : !!!

الضابط : من يلومك أن غامرت بحياتك لتدافع من حقك ؟!..

أما أنا فمجرد أسير بلا قيود ... أو بقيود لا تراها !!!

أسير قمع وإرهاب ... مسلوب الإرادة .... وليس لي الخيار في الرفض أو الاعتراض ...

انطلق راشدا ... ولا تسبب لي المتاعب ...

!!!!

... انطلق الشاب مستغربا ومطمئنا في آن واحد .... فجيش هذي قناعات جنده ... لن تطول إقامته بيننا !!!

**** ***** ****

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق